تحيط بهم إحاطة كاملة ، ويصب على رؤوسهم الماء الحار المغلي بنار جهنم ، يذيب أحشاء بطونهم وشحومها ، ويشوي الجلود أو يحرقها ، فإن الجلود لا تذاب ، فيضم في كل شيء ما يليق به ، ويضربون ويدفعون بمضارب ثقيلة من حديد.
وإذا حاولوا الخروج من النار حين تفور بهم ، فتلقي من فيها إلى أعلى أبوابها ، فتعيدهم خزنة النار إليها بالمقامع ، ويقولون لهم : (ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ) أي المحرق. والذوق : مماسّة يحصل معها إدراك الطعم ، والمراد به إدراكهم الألم.
وأما المؤمنون فلهم ألوان عديدة من النعم ، منها أنهم يحلون بأساور الذهب ، ويحلون لؤلؤا يزينون به تيجانهم ، قال القشيري : والمراد ترصيع السوار باللؤلؤ ، ولا يبعد أن يكون في الجنة سوار من لؤلؤ مصمت ، أي الذي لا يخالطه غيره. قال القرطبي : وهو ظاهر القرآن ونصه.
وجميع ما يلبسونه وينتفعون به من فرشهم ولباسهم وستورهم حرير ، وهو أعلى مما في الدنيا بكثير.
وأرشدوا إلى طيب القول ، قال ابن عباس يريد لا إله إلا الله ، والحمد لله ، كما أرشدوا إلى صراط الله وهو في الدنيا دينه وهو الإسلام ، وفي الآخرة الطيب من القول : وهو الحمد لله ؛ لأنهم يقولون غدا : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا) [الأعراف ٧ / ٤٣] ، (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ) [فاطر ٣٥ / ٣٤] ؛ فليس في الجنة لغو ولا كذب ، فما يقولونه فهو طيّب القول. وقد هدوا في الجنة إلى صراط الله وهو الإسلام أو إلى طريق الجنة ، إذ ليس في الجنة شيء من مخالفة أمر الله وقيل : الطيب من القول : ما يأتيهم من الله من البشارات الحسنة.
أما في الدنيا فالحرير والذهب محرم استعمالهما حلية على الرجال ، حلال للنساء ، أما الانتفاع بآنية الذهب والفضة كالأكل والشرب فهو حرام مطلقا على