(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ) ألم تعلم أن الله جعل جميع ما في الأرض مذللة لكم ، معدّة لمنافعكم. (وَالْفُلْكَ) السفن. عطف على (ما) أو على اسم (أَنَ). (تَجْرِي فِي الْبَحْرِ) للركوب والحمل ، والجملة : حال من (الْفُلْكَ) ، أو خبر. (الْفُلْكَ) على قراءة الرفع على الابتداء. (بِأَمْرِهِ) بإذنه. (أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ) من أن تقع أو لئلا تقع ، يأن خلقها على صورة متينة مستمسكة. (إِلَّا بِإِذْنِهِ) أي إلا بمشيئته ، وذلك يوم القيامة ، وفيه رد على القول باستمساكها بذاتها. (رَحِيمٌ) بتسخير ما في الأرض ، وإمساك السماء ، والتهيئة لعباده أسباب الاستدلال ، وفتح أبواب المنافع عليهم ، ودفع أنواع المضارّ عنهم.
(أَحْياكُمْ) بالإنشاء بعد أن كنتم جمادا : عناصر ونطفا. (ثُمَّ يُمِيتُكُمْ) عند انتهاء آجالكم. (ثُمَّ يُحْيِيكُمْ) في الآخرة عند البعث. (إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ) لجحود للنعم مع ظهورها ، تارك توحيد الله تعالى.
المناسبة :
بعد أن ذكر الله تعالى عظيم قدرته على تحقيق النصر للمؤمنين ، أتى بأنواع من الدلائل على قدرته البالغة ، من إيلاج الليل في النهار وبالعكس وخلقه لهما وتصرفه فيهما وعلمه بما يجري فيهما ، وإنزال المطر لإنبات النبات ، وخلقه السموات والأرض وملكه لهما ، وتسخيره ما في الأرض والفلك ، وإمساك السماء من الوقوع على الأرض ، والإحياء والإماتة ثم الإحياء.
التفسير والبيان :
أورد الله تعالى في هذه الآيات أنواعا من الدلائل على قدرته البالغة وعلمه الشامل ، ومن كان قادرا على كل شيء ، عالما بكل شيء ، كان قادرا على النصر ، فقال :
١ ـ (ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ) أي ذلك النصر المذكور بسبب أنه قادر على كل شيء ، فهو يولج ويدخل الليل في النهار ويولج ويدخل النهار في الليل ، بمعنى زيادة أحدهما على حساب الآخر ، فيزيد في أحدهما من الساعات ما ينقص من الآخر ، فتارة يطول الليل ويقصر