يبطشون بالذين يحتجون عليهم بدلائل القرآن الصحيحة ، ويبسطون إليهم أيديهم وألسنتهم بالسوء. وهذا يدل على غليان قلوبهم بالكفر ، وسيطرة الجهالة والعناد والكفر عليها ، حتى أصبحوا ميئوسا من علاجهم ، وصاروا متمردين على الأنبياء والمؤمنين.
(قُلْ : أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) أي قل يا محمد لهؤلاء المشركين مقابلة لوعيدهم : ألا أخبركم بشر من غيظكم الذي ملأ قلوبكم؟ هو النار التي وعدها الله للكافرين ، فعذابها ونكالها أشد وأشق وأعظم مما تخوفون به أولياء الله المؤمنين في الدنيا ، بل هو أعظم مما تنالون منهم فعلا ، إن نلتم بزعمكم وإرادتكم ، وبئس المصير ، أي وبئس النار موئلا ومقاما لكم ، كما قال تعالى : (إِنَّها ساءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً) [الفرقان ٢٥ / ٦٦].
ثم نبه الله تعالى على حقارة الأصنام وسخافة عقول عابديها ، وبيان حال هذه الأشباه والأمثال لله في زعمهم ، فقال :
(يا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا) أي يا أيها البشر قاطبة جعل مثل أي شبه لما يعبده الجاهلون بالله المشركون به ، فأنصتوا وتفهموا حال تلك المعبودات ، وإذا فهم حالها يكون حال عابديها أسوأ ، فهم كالأصنام وأسوأ منها ، وحالها هو :
(إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ) أي إن ما تعبدون من غير الله من الأصنام والأنداد لن يقدروا على خلق ذبابة واحدة ، حتى ولو تعاون واجتمع لهذه المهمة جميع تلك المعبودات. روى الإمام أحمد عن أبي هريرة مرفوعا قال : «ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي ، فليخلقوا مثل خلقي ذرة أو ذبابة أو حبة» ورواه الشيخان بلفظ آخر: «قال الله عزوجل : من أظلم ممّن ذهب يخلق كخلقي ، فليخلقوا ذرة ، فليخلقوا شعيرة».