قالت : «سئل رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن رجل زنى بامرأة ، وأراد أن يتزوجها ، فقال : أوله سفاح ، وآخره نكاح ، والحرام لا يحرم الحلال». وما أخرجه أبو داود والنسائي وغيرهما عن ابن عباس أن رجلا قال للنبي صلىاللهعليهوسلم : إن امرأتي لا تمنع يد لامس! قال صلىاللهعليهوسلم : غرّبها ، قال : أخاف أن تتبعها نفسي ، قال : فاستمتع بها. وهو دليل على جواز نكاح الزانية ، وعلى أن الزوجة إذا زنت لا ينفسخ نكاحها.
وقوله : «لا تمنع يد لامس» معناه الزانية ، وأنها مطاوعة من راودها ، لا ترد يده. وقوله : «غرّبها» أي أبعدها بالطلاق ، وهذا دليل آخر على جواز نكاح الفاجرة. وقوله : «فاستمتع بها» أن لا تمسكها إلا بقدر ما تقضي متعة النفس منها ، والاستمتاع بالشيء : الانتفاع به إلى مدة ، ومنه سمي نكاح المتعة ، ومنه آية : (إِنَّما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا مَتاعٌ) [غافر ٤٠ / ٣٩].
وأما حكم الحرمة في الآية فمخصوص بالسبب الذي ورد فيه ، أو منسوخ بقوله تعالى : (وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ) [النور ٢٤ / ٣٢] فإنه يتناول المسافحات.
وقال جماعة من السلف (علي وعائشة والبراء ، وابن مسعود في رواية عنه): إن من زنى بامرأة أو زنى بها غيره لا يحل له أن يتزوجها ، وقال علي : إذا زنى الرجل فرّق بينه وبين امرأته ؛ وكذلك هي إذا زنت. ودليلهم أن الحرمة في الآية على ظاهرها ، والخبر في قوله (الزَّانِي لا يَنْكِحُ ..) بمعنى النهي ، وأحاديث منها ما رواه أبو داود عن عمار بن ياسر قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لا يدخل الجنة ديّوث» ومنها ما رواه الإمام أحمد عن عبد الله بن عمر قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ثلاثة لا يدخلون الجنة ولا ينظر الله إليهم يوم القيامة : العاقّ لوالديه ، والمرأة المترجلة المتشبهة بالرجال ، والدّيّوث ، وثلاث لا ينظر الله إليهم يوم القيامة : العاق لوالديه ، ومدمن الخمر ، والمنّان بما أعطى».