(أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ) أي أولئك البعيدون في درجات الكمال المتصفون بهذه الصفات الحميدة هم المستحقون النزول في جنات الفردوس ، الماكثون فيها أبدا على الدوام ، ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «إذا سألتم الله الجنة ، فاسألوه الفردوس ، فإنه أعلى الجنة وأوسط الجنة ، ومنه تفجر أنهار الجنة ، وفوقه عرش الرحمن». وقيل : الفردوس هي الجنة ، وهي رومية أو فارسية عرّبت.
ونظير الآية قوله تعالى : (تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبادِنا مَنْ كانَ تَقِيًّا) [مريم ١٩ / ٦٣] وقوله : (وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) [الزخرف ٤٣ / ٧٢]. وهذا قانون الله من حيث العدل أن الجنة جزاء العمل الحسن في الدنيا ، ومجموع الأخذ بهذه الصفات السبع محقق لهذا الفوز في عالم الآخرة. ثم نزل بعد هذه الآيات فرض الوضوء والصوم والحج ، فدخل معهن. والآية عامة في الرجال والنساء.
فقه الحياة أو الأحكام :
أرشدتنا الآيات إلى وجوب الاتصاف بالصفات السبع التالية ، والقيام بالأفعال الآتية المستوجبة الخلود في الفردوس الأعلى من الجنان وهي :
١ ـ الإيمان : وهو التصديق بالله ورسله واليوم الآخر.
٢ ـ الخشوع في الصلاة : وهو الخضوع والتذلل لله والخوف من الله تعالى ، ومحله القلب ، فإذا خشع خشعت الجوارح كلها لخشوعه ، إذ هو ملكها. روى الترمذي عن أبي ذرّ قال : قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «إذا قام أحدكم إلى الصلاة ، فإن الرحمة تواجهه ، فلا يحركن الحصى». فالسكون دليل الاطمئنان ، واستيقاظ الذهن ، والاتجاه نحو الله تعالى ، وبه يحصل جوهر الصلاة ، وتتحقق غايتها المنشودة الصحيحة.