١ ـ آيات اللعان وآية القذف : جاء ذكر آيات اللعان بعد آية قذف المحصنات غير الزوجات ، فرأى علماء الأصول من الحنفية أن آيات اللعان ناسخة لعموم آية القذف : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ) لتراخي نزولها عنها ، فيكون قذف الزوجة منسوخا إلى بدل وهو اللعان.
وذهب الأئمة الآخرون إلى أن آيات اللعان مخصصة لعموم آية القذف ، فتكون هذه الآية مختصة بالمحصنات غير الزوجات ، وآيات اللعان خاصة بالزوجات ، ويكون موجب قذف المحصنة الحدّ فقط ، ثم استثني من ذلك الزوجة ، فيكون موجب قذفها الحد أو اللعان.
٢ ـ وحكمة اللعان : كما بينا التخفيف على الأزواج الذين لا يتيسر لهم إثبات زنى زوجاتهم بأربعة شهود.
٣ ـ هل ألفاظ اللعان شهادات أم أيمان؟ : يرى الحنفية أن ألفاظ اللعان شهادات ؛ لظاهر الآيات التي ذكر فيها لفظ الشهادة خمس مرات وهي : (وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ) أي ليس لهم بينة ، ثم قال : (فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ) أي بينته المشروعة في حقه ، ثم قال : (أَرْبَعُ شَهاداتٍ بِاللهِ) ثم قال : (أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهاداتٍ بِاللهِ) وهذه المواضع الثلاثة هي أخبار مؤكدة بالشهادة ، ورتبوا على ذلك أنه يشترط في المتلاعنين أهلية الشهادة.
وذهب الجمهور إلى أن ألفاظ اللعان أيمان ، لا شهادات ؛ لأن قوله تعالى : (أَرْبَعُ شَهاداتٍ بِاللهِ) قسم أو أيمان مؤكدة بلفظ الشهادة ، كما قال تعالى : (إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ قالُوا : نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ) [المنافقون ٦٣ / ١] ثم قال تعالى : (اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ) [٢]. وقال صلىاللهعليهوسلم : «لو لا الأيمان لكان لي ولها شأن» (١). ورتبوا على ذلك أنه لا يشترط في المتلاعنين إلا أهلية اليمين.
__________________
(١) رواه ابو داود بإسناد لا بأس به.