ومن الأمثال الرائدة والنماذج الطيبة للشعر الذي أقره النبي صلىاللهعليهوسلم ما يأتي :
١ ـ روي مسلم من حديث عمرو بن الشّريد عن أبيه قال : ردفت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يوما ، فقال : هل معك من شعر أمية بن أبي الصّلت شيء؟ قلت : نعم ، قال : هيه ، فأنشدته بيتا ، فقال : هيه ، ثم أنشدته بيتا فقال : هيه ، حتى أنشدته مائة بيت.
قال القرطبي : وهذا دليل على جواز حفظ الأشعار المتضمنة للحكمة والمعاني المستحسنة شرعا وطبعا وعقلا ، أي والداعية إلى فضائل الأخلاق. وإنما استكثر النبي صلىاللهعليهوسلم من شعر أمية ؛ لأنه كان حكيما ؛ ألا ترى قوله صلىاللهعليهوسلم : «وكاد أمية بن أبي الصّلت أن يسلم».
٢ ـ فأما ما تضمن ذكر الله وحمده والثناء عليه ، فذلك مندوب إليه ، وكذلك مدح رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقد مدحه العباس ، فقال له : «لا يفضض الله فاك» ومنه الدفاع عن النبي صلىاللهعليهوسلم ، فقد أقر حسّان بن ثابت على ذلك ، ثبت في الصحيح أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال لحسان : «اهجهم ـ أو هاجهم ـ وجبريل معك» أو «قل وروح القدس معك». وروى الإمام أحمد عن كعب بن مالك أنه قال للنبي صلىاللهعليهوسلم : قد أنزل الله في الشعراء ما أنزل ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إن المؤمن يجاهد بسيفه ولسانه ، والذي نفسي بيده لكأنّ ما ترمونهم به نضح النّبل» أو «اهجهم ، فو الذي نفسي بيده لهو أشدّ عليهم من رشق النّبل».
٣ ـ روى مسلم عن أبي هريرة قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم على المنبر يقول : «أصدق كلمة ـ أو أشعر كلمة ـ قالتها العرب قول لبيد : ألا كل شيء ما خلا الله باطل».
أما الشعر المذموم الذي لا يحل سماعه وصاحبه ملوم : فهو المتكلم بالباطل ، حتى يفضّلوا أجبن الناس على عنترة ، وأشحّهم على حاتم ، وأن يبهتوا البريء ،