وذكراهم في الحياة الإنسانية بالقيم الخالدة ، والمعاني السامية ، وبما قدموه للبشرية من عطاء تذكره لهم الأجيال ، ويحتكم إلى أصالته الحكماء ، ويظل أثرهم الخالد مضرب الأمثال ، وقدوة لكل إنسان ، وأمل الحيارى ، وحلم المعذبين في الأرض ، كما قال تعالى : (بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا ، وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقى). [الأعلى ٨٧ / ١٦ ـ ١٧].
يروى أن هذه الآية : (تَبارَكَ الَّذِي إِنْ شاءَ) أنزلها رضوان خازن الجنان إلى النبيصلىاللهعليهوسلم (١) ؛ وفي الخبر : إن رضوان لما نزل سلّم على النبي صلىاللهعليهوسلم ؛ ثم قال : يا محمد ، ربّ العزة يقرئك السلام ، وهذا سفط (٢) ـ فإذا سفط من نور يتلألأ ـ يقول لك ربك : هذه مفاتيح خزائن الدنيا ، مع أنه لا ينقص مالك في الآخرة مثل جناح بعوضة ؛ فنظر النبيصلىاللهعليهوسلم إلى جبريل كالمستشير له ؛ فضرب جبريل بيده الأرض ، يشير أن تواضع ، فقال : يا رضوان ، لا حاجة لي فيها ، الفقر أحب إليّ ، وأن أكون عبدا صابرا شكورا ، فقال رضوان : أصبت ، الله لك.
٦ ـ دل قوله تعالى : (تَبارَكَ الَّذِي إِنْ شاءَ ..) على أنه سبحانه يعطي العباد على حسب المصالح ، فيرزق بعضهم نعمة المال ، وآخر نعمة العلم ، وغيرهم نعمة العقل والفهم ، وهو فعال لما يريد.
__________________
(١) كان رضوان في هذا مع جبريل عليهماالسلام أمين الوحي بدليل بقية الخبر.
(٢) السفط : المحفظة أو الوعاء المخصص لوضع الطيب ونحوه من أدوات النساء.