الْعِلْمَ دَرَجاتٍ) [المجادلة ٥٨ / ١١] وهو حث للعالم على شكر النعمة وعلى التواضع ، فلم يفضلا أنفسهما على الكل ، وإنما على الكثير ، وتذكير بأن يعتقد العالم أنه وإن فضل على كثير فقد فضل على الكثير أناس مثله. وأشرف مراتب العلم : العلم بالله وبصفاته. روي ابن أبي حاتم أن عمر بن عبد العزيز رحمهالله كتب : إن الله لم ينعم على عبده نعمة ، فيحمد الله عليها ، إلا كان حمده أفضل من نعمه ، لو كنت لا تعرف ذلك إلا في كتاب الله المنزل ، قال الله تعالى : (وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ وَسُلَيْمانَ عِلْماً ، وَقالا : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنا عَلى كَثِيرٍ مِنْ عِبادِهِ الْمُؤْمِنِينَ) فأي نعمة أفضل مما أوتي داود وسليمان عليهماالسلام.
(وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ) أي خلف سليمان أباه داود بعد موته في ميراث النبوة والعلم والملك ، وليس المراد وراثة المال ، لأنه خصص بهذا الإرث عن بقية أولاد داود الكثر ، ولأن الأنبياء لا تورث أموالهم ، كما أخبر بذلك رسول الله صلىاللهعليهوسلم في قوله فيما رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي عن عائشة : نحن معاشر الأنبياء «لا نورث ، ما تركنا صدقة».
وكان داود أكثر تعبدا من سليمان ، وسليمان أقضى وأشكر لنعمة الله ، وكان أعظم ملكا من أبيه ، فقد أعطي ما أعطي داود ، وزيد له تسخير الريح والشياطين ، ومعرفة لغة الطيور ، كما أخبر تعالى معددا بعض نعم الله عليه :
(وَقالَ : يا أَيُّهَا النَّاسُ ، عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ) أي قال سليمان متحدثا بنعمة الله عليه أن ربه علّمه لغة الطير والحيوان إذا صوّت ، فأستطيع التمييز بين مقاصده من نوع تصويته. وربما فهم بعض الناس الذين يقدمون خدمات للحيوان بعض أصوات الحيوانات ، كالخيول والبغال والحمير والأبقار والإبل والقطط ، فيدركون رغبتها في الأكل أو الشرب ، ويفهمون تألمها عند المرض أو