رسول الله صلىاللهعليهوسلم فيما رواه مسلم وأبو داود عن أبي هريرة : «أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ، ولا فخر» أي أقول هذا القول شكرا ، ولا أقوله فخرا.
(وَحُشِرَ لِسُلَيْمانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ) أي وجمع لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير ، أي ركب فيهم في أبّهة وعظمة ، تليه الإنس ، ثم الجن ، ثم الطير ، فإن كان حرّ أظلته منه بأجنحتها ، فهم يجمعون بترتيب ونظام ، بأن يوقف أوائلهم لتلحقهم أواخرهم ، ويردّ أو يكفّ أولهم على آخرهم ، لئلا يتقدم أحد عن منزلته ومرتبته ، وليكونوا مجتمعين لا يتخلف منهم أحد. وهذا يدل على مسيرته في جيش عظيم منظم له عرفاء ، ليس جيشا من الناس فقط ، وإنما معه الجن ، والطير.
قال مجاهد : جعل على كل صنف وزعة (عرفاء) ، يردون أولاها على أخراها ، لئلا يتقدموا في المسير ، كما يفعل الملوك اليوم. وعلى هذا فكلمة (يُوزَعُونَ) من الوزع وهو الكف والمنع ، قال عثمان بن عفان : ما يزع السلطان أكثر مما يزع القرآن أي من الناس. وقال الحسن البصري : لا بد للناس من وازع ، أي سلطان يكفّ ويمنع.
وهذا دليل على أن سليمان عليهالسلام جمع بين النبوة والسلطات كلها ، والملك الذي لم يتوافر لأحد بعده ، فضلا من الله واستجابة لدعائه : (قالَ : رَبِّ اغْفِرْ لِي ، وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي ، إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ. فَسَخَّرْنا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخاءً حَيْثُ أَصابَ ، وَالشَّياطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ) [ص ٣٨ / ٣٥ ـ ٣٧]. وقال تعالى : (وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ ، وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنا نُذِقْهُ مِنْ عَذابِ السَّعِيرِ ، يَعْمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ مِنْ مَحارِيبَ وَتَماثِيلَ وَجِفانٍ كَالْجَوابِ ، وَقُدُورٍ راسِياتٍ) [سبأ ٣٤ / ١٢ ـ ١٣].