بشرية الرسل
(وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْواقِ وَجَعَلْنا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكانَ رَبُّكَ بَصِيراً (٢٠))
البلاغة :
(أَرْسَلْنا الْمُرْسَلِينَ) جناس اشتقاق.
(تَصْبِرُونَ بَصِيراً) جناس ناقص ، لتقديم بعض الحروف ، وتأخير بعضها.
المفردات اللغوية :
(إِلَّا إِنَّهُمْ) أي إلا رسلا إنهم ، فحذف الموصوف لدلالة (الْمُرْسَلِينَ) عليه ، وأقيمت الصفة مقامه ، كقوله تعالى : (وَما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ) [الصافات ٣٧ / ١٦٤]. (وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْواقِ) أي فأنت مثلهم في ذلك ، وقد قيل لهم مثل ما قيل لك.
(وَجَعَلْنا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً) أي وجعلنا بعضكم أيها الناس لبعض ابتلاء ، ومن ذلك ابتلاء الغني بالفقير ، والصحيح بالمريض ، والشريف بالوضيع ، لمعرفة مدى قيامه بواجبه نحوه أو إيذاء أحدهم لغيره. وفيه تسلية لرسول الله صلىاللهعليهوسلم على ما قاله المشركون في حقه ، بعد نقضه والرد عليه ، وفيه دليل على القضاء والقدر ؛ لأنه تعالى هو الذي جعل البعض فتنة للبعض.
(أَتَصْبِرُونَ) على ما تسمعون ممن ابتليتم بهم؟ وهو استفهام بمعنى الأمر ، بمعنى : اصبروا ، كقوله تعالى : (فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) [المائدة ٥ / ٩١] أي انتهوا ، فهو حث على الصبر على الابتداء وأمر به للنبي صلىاللهعليهوسلم وغيره ، أو علة لقوله : (وَجَعَلْنا بَعْضَكُمْ ..) والمعنى : وجعلنا بعضكم لبعض فتنة ، لنعلم أيكم يصبر ، كقوله تعالى : (لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) [الكهف ١٨ / ٧]. (وَكانَ رَبُّكَ بَصِيراً) أي عالما بمن يصبر وبمن يجزع.
سبب النزول :
أخرج الواحدي وابن جرير عن ابن عباس قال : لما عيّر المشركون رسول الله