الله تعالى ، أهلكهم الله إهلاكا ، كما قال : (دَمَّرَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكافِرِينَ أَمْثالُها) [محمّد ٤٧ / ١٠]. فانظروا يا كفار مكة عاقبة الكفر وتكذيب الرسل.
(وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْناهُمْ ، وَجَعَلْناهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً) أي واذكر يا محمد لقومك ما فعله قوم نوح حين كذبوا رسولهم نوحا عليهالسلام الذي مكث فيهم يدعوهم إلى توحيد الله ويحذرهم من عقابه ونقمته ألف سنة إلا خمسين ، فما آمن به إلا قليل ، فأغرقناهم بالطوفان ، وجعلناهم عبرة وعظة للناس يعتبرون بها ، كما قال تعالى : (إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ ، لِنَجْعَلَها لَكُمْ تَذْكِرَةً ، وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ) [الحاقة ٦٩ / ١١ ـ ١٢].
وقوله (كَذَّبُوا الرُّسُلَ) قصد به تكذيب نوح عليهالسلام ، على أساس أن من كذب رسولا واحدا ، فقد كذب بجميع الرسل ؛ إذ لا فرق بين رسول ورسول ، فدعوتهم إلى توحيد الله ونبذ عبادة الأصنام واحدة ، ولو فرض أن الله تعالى بعث إليهم كل رسول ، فإنهم كانوا يكذبون.
ثم عمّم تعالى الحكم فقال :
(وَأَعْتَدْنا لِلظَّالِمِينَ عَذاباً أَلِيماً) أي وأعددنا وهيأنا عذابا مؤلما في الآخرة لكل ظالم كفر بالله ، ولم يؤمن برسله ، وسلك سبيلهم في تكذيب الرسل. وفي هذا تهديد لكفار قريش أنه سيصيبهم من العذاب مثلما أصاب قوم نوح.
(وَعاداً وَثَمُودَ وَأَصْحابَ الرَّسِ) أي واذكر أيها الرسول أيضا لقومك قصة عاد الذين كذبوا رسولهم هودا ، وقصة قبيلة ثمود الذين كذبوا رسولهم صالحا ، وقصة أصحاب الرس أي البئر وهم قوم من عبدة الأصنام أصحاب آبار وماشية ،