(قالَ : رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً ، فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ) أي قال موسى : يا ربّ كيف أذهب إلى فرعون وقومه ، وقد قتلت منهم فرعونيا ، فأخاف إذا رأوني أن يقتلوني ثأرا منهم.
(وَأَخِي هارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِساناً ، فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً يُصَدِّقُنِي ، إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ) أي إن أخي هارون أفصح لسانا مني ، وأحسن بيانا بسبب ما في لساني من لثغة أو عقدة من حين الصغر حين تناولت الجمرة ، لما خيرت بينها وبين التمرة ، فوضعتها على لساني ، فحصل فيه شدة في التعبير ، فاجعل معي هارون أخي رسولا وزيرا ومعينا يصدقني فيما أقوله وأخبر به عن الله عزوجل ، ويوضح البراهين والأدلة ، ويفنّد الشبهات المثارة من قبل هؤلاء الجاحدين ، وإني أخاف أن يكذبوني في رسالتي. ونظير الآية : (وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي ، وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي ، هارُونَ أَخِي ، اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي ، وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي) [طه ٢٠ / ٢٧ ـ ٣٢].
فأجابه الله تعالى إلى طلبه :
(قالَ : سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ ، وَنَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً ، فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما) أي قال الرب لموسى : سنقويك ونعزّز جانبك بأخيك الذي سألت أن يكون نبيا معك ، كما قال تعالى : (قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يا مُوسى) [طه ٢٠ / ٣٦] (وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا) [مريم ١٩ / ٥٣] ونجعل لكما حجة قاهرة ، وغلبة ظاهرة على عدوكما ، فلا سبيل لهم إلى الوصول إلى أذاكما ، بسبب إبلاغكما آيات الله تعالى.
قال بعض السلف عن طلب موسى بعثة أخيه هارون : ليس أحد أعظم منّة على أخيه من موسى على هارون عليهماالسلام ، فإنه شفع فيه ، حتى جعله الله نبيا ورسولا معه إلى فرعون وملئه ، ولهذا قال تعالى في حق موسى : (وَكانَ