وكان إنزال التوراة بعد إهلاك القرون الأولى (الأمم الماضية المكذبة) مثل قوم نوح وعاد وثمود وقوم لوط ، وقيل : من بعد إغراق فرعون وقومه وخسف الأرض بقارون ، ولعل ذلك إشعار بشدة الحاجة إليها ، فإن إهلاك القرون الأولى دليل على اندراس معالم شرائعها ، وحاجة الناس إلى تشريع جديد ينظم لهم شؤون حياتهم.
الحاجة إلى إرسال الرسل وبعثة محمد صلىاللهعليهوسلم
(وَما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنا إِلى مُوسَى الْأَمْرَ وَما كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ (٤٤) وَلكِنَّا أَنْشَأْنا قُرُوناً فَتَطاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ وَما كُنْتَ ثاوِياً فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِنا وَلكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (٤٥) وَما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إِذْ نادَيْنا وَلكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٤٦) وَلَوْ لا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنا لَوْ لا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آياتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٤٧))
الإعراب :
(تَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِنا) خبر ثان ل (كُنْتَ).
(وَلكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ رَحْمَةً) : إما منصوب على المصدر ، وإما مفعول لأجله ، أي ولكن فعل ذلك لأجل الرحمة ، وإما خبر كان مقدرة ، أي ولكن كان رحمة من ربك.
البلاغة :
(أَنْشَأْنا قُرُوناً) مجاز عقلي ، أريد به : أمما في تلك الأزمنة ، والعلاقة زمانية.
(تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ) جناس اشتقاق. وقوله : (وَلَوْ لا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ) حذف منه الجواب لدلالة السياق عليه ، أي ولو لا خشية وقوع المصيبة بهم ما أرسلناك يا محمد رسولا إليهم ، فهو إيجاز بالحذف.