سليما من النار آمن به لوط ، وصدق بنبوته ، ولوط : هو ابن أخي إبراهيم ، وهو لوط بن هاران بن آزر ، ولم يؤمن به من قومه سواه وسارّة امرأة إبراهيم الخليل.
وقال إبراهيم : إني مهاجر من دياركم ، متجه إلى حيث أمرني ربي بالهجرة ، وقد هاجر من سواد العراق إلى حرّان ، ثم إلى فلسطين ونزل لوط بلدة سدوم.
وعلة الهجرة هي كما قال :
إن ربي هو العزيز في ملكه الغالب على أمره ، الذي يمنعني من أعدائي ، وينصرني عليهم ، الحكيم في تدبير شؤون خلقه ، فلا يأمر إلا بما فيه الصلاح.
فقوله : (وَقالَ : إِنِّي مُهاجِرٌ) يعود الضمير إلى إبراهيم ؛ لأنه المكني عنه بقوله : (فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ) أي من قومه. ويحتمل عود الضمير إلى (لُوطٌ) لأنه أقرب المذكورين.
ثم عدّد تعالى نعمه على إبراهيم في الدنيا والآخرة لإخلاصه لربه ، فقال :
١ ـ (وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ) أي ووهبنا إلى إبراهيم بعد إسماعيل في حال الكبر إسحاق ، وكذا من نسله يعقوب نافلة حفيدا له ، كما قال تعالى : (فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ، وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ ، وَكُلًّا جَعَلْنا نَبِيًّا) [مريم ١٩ / ٤٩] ، وقال سبحانه : (وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً) [الأنبياء ٢١ / ٧٢].
وفي الصحيحين : «إن الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهمالسلام».
٢ ـ (وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ) أي وجعلنا في ذرية إبراهيم النبوة ، فكانت الأنبياء كلها بعد إبراهيم من ذريته ، ولم يوجد نبي بعده إلا وهو من سلالته ، فجميع أنبياء بني إسرائيل من سلالة يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم ،