والأفعال في مجالسكم الخاصة ، دون أن ينكر بعضكم على بعض شيئا من ذلك ، فهم ذوو أخلاق سوء. والنادي : المجلس.
روى الإمام أحمد والترمذي والطبراني والبيهقي وابن جرير وابن أبي حاتم عن أم هانئ بنت أبي طالب قالت : سألت رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن قوله تعالى : (وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ) فقال : «يحذفون (١) أهل الطريق ، ويسخرون منهم ، وذلك المنكر الذي كانوا يأتونه».
وروي عن ابن عباس قال : إن قوم لوط كانت فيهم ذنوب غير الفاحشة ، منها أنهم يتظالمون فيما بينهم ، ويشتم بعضهم بعضا ، ويتضارطون في مجالسهم ، ويخذفون ، ويلعبون بالنّرد والشّطرنج ، ويلبسون المصبغات. ويتناقرون بالديكة ، ويتناطحون بالكباش ، ويطرّفون أصابعهم بالحنّاء ، وتتشبه الرجال بلباس النساء ، والنساء بلباس الرجال ، ويضربون المكوس (٢) على كل عابر ، ومع هذا كله كانوا يشركون بالله ، وهم أول من ظهر على أيديهم اللوطية والسّحاق.
وفسر مجاهد المنكر : بأنه الصفير ، ولعب الحمام ، والجلاهق (٣) والسؤال في المجلس ، وحل أزرار القباء.
فكان جوابهم :
(فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا : ائْتِنا بِعَذابِ اللهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) أي فما كان جوابهم بعد نهيهم عن الفاحشة وغيرها إلا قولهم بسبب كفرهم واستهزائهم وعنادهم : عجل علينا العذاب الذي توعدنا به إن كنت صادقا فيما تهددنا به. وهذا كان في بداية وعظه لهم ، فلما ألح عليهم في الإنكار قالوا كما
__________________
(١) الحذف أو الخذف : الرمي بالحصى.
(٢) رسوم المرور الظالمة.
(٣) كعلابط البندق الذي يرمى به.