(صَبَّارٍ شَكُورٍ) صيغة مبالغة على وزن فعّال وفعول.
(وَهَلْ نُجازِي إِلَّا الْكَفُورَ) و (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) بينهما ما يسمى بمراعاة الفواصل ، من أنواع الجمال في اللفظ.
المفردات اللغوية :
(لِسَبَإٍ) اسم قبيلة من قبائل العرب العاربة في بلاد اليمن ، وتعد أصلا تفرع منها عدة فروع في جزيرة العرب. وقد سميت باسم جدّ لهم من العرب : هو سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان. (فِي مَسْكَنِهِمْ) موضع السكنى وهو مأرب في بلاد اليمن بينها وبين صنعاء مسيرة ثلاثة أيام. (آيَةٌ) علامة دالة على وجود الله ووحدانيته وقدرته على إيجاد أمور عجيبة. (جَنَّتانِ) بستانان. (عَنْ يَمِينٍ وَشِمالٍ) عن يمين واديهم وشماله. (كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ) أي قيل لهم ذلك ، والرزق : ثمار الجنتين. (وَاشْكُرُوا لَهُ) على ما رزقكم من هذه النعم في أرض سبأ ، واعملوا بطاعته ، واجتنبوا معاصيه. (بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ) استئناف للدلالة على موجب الشكر ، أي هذه البلدة التي فيها رزقكم بلدة طيبة ، وربكم الذي رزقكم وطلب شكركم رب غفور. وكون البلد طيبة : أنه ليس فيها سباخ ولا بعوضة ولا ذبابة ولا برغوث ولا عقرب ولا حية ؛ لطيب هوائها.
(فَأَعْرَضُوا) انصرفوا عن شكر هذه النعم وكفروا بالله. (فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ) أي دمّره الله ، وفتق عليهم سد مأرب حتى انتقض ، فدخل الماء بساتينهم فغرقها ، ودفن السيل بيوتهم ، فهذا هو سيل العرم. والعرم : جمع عرمة : وهي الحجارة المركومة والمباني القائمة ، وسيل العرم : هو السيل الذي لا يطاق لقوته وشدّته. (أُكُلٍ خَمْطٍ) مرّ ، والأكل بمعنى المأكول : الثمر ، والخمط : كل شجرة مرّة ذات شوك وليس له ثمر. (وَأَثْلٍ) هو الشجر المعروف الشبيه بالطرفاء ، ولا ثمر له. (سِدْرٍ) شجر النبق له ثمر يؤكل. أهلك الله أشجارهم المثمرة ، وأنبت بدلها الأراك والطرفاء والسدر ، ووصف السدر بالقلة ؛ لأن ثمره مما يطيب أكله.
(ذلِكَ) التبديل. (جَزَيْناهُمْ بِما كَفَرُوا) أي بكفرانهم النعمة ، أو بكفرهم بالرسل ، إذ بعث إليهم ثلاثة عشر نبيا فكذبوهم. (وَهَلْ نُجازِي إِلَّا الْكَفُورَ) أي لا نجازي بمثل ما فعلنا بهم إلا البليغ في كفران النعم أو الكفر بالرسل. وقرئ : يجازي.
(وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ) سبأ باليمن. (وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيها) بالماء والشجر وهي قرى الشام التي يسيرون إليها للتجارة. (قُرىً ظاهِرَةً) مرتفعة على الآكام ، متواصلة من اليمن إلى الشام ، وكانوا يبيتون بقرية ويقيلون بأخرى حتى يرجعوا. (وَقَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ) أي كانت القرى على مقادير للمسافر ، بحيث يكون المقيل في قرية ، والمبيت في أخرى ، إلى انتهاء سفرهم ووصولهم إلى الشام ، دون أن يحتاجوا في الطريق إلى حمل زاد وماء. (سِيرُوا فِيها) أي وقلنا :