وحديثا للناس يسمرون به في مجالسهم ، وفرقنا شملهم بعد الاجتماع والألفة والعيش الهنيء ، وفرقناهم في البلاد كل تفريق ، فصارت العرب تضرب بهم المثل ، فتقول : «تفرق القوم أيدي سبأ» وأيادي سبأ ، أي مذاهب سبأ وطرقها ، فنزلت الأوس والخزرج بيثرب ، وغسان آل جفنة بن عمرو بالشام ، والأزد بعمان والسّراة ، وخزاعة بتهامة ، فمزقهم الله كل ممزق ، وهدم السيل بلادهم.
(إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) أي إن في هذا الذي حلّ بهؤلاء من النقمة والعذاب ، وتبديل النعمة ، وتحويل العافية ، عقوبة على ما ارتكبوه من الكفر والآثام ، لعبرة ودلالة لكل عبد صبار على المصائب ، شكور على النعم.
وفي هذا إشادة بالصبر ، روى الإمام أحمد عن سعد بن أبي وقاص رضياللهعنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «عجبت من قضاء الله تعالى للمؤمن : إن أصابه خير حمد ربه وشكر ، وإن أصابته مصيبة حمد ربه وصبر ، يؤجر المؤمن في كل شيء حتى اللقمة يرفعها إلى في امرأته». وروي في الصحيحين عن أبي هريرة رضياللهعنه : «عجبا للمؤمن ، لا يقضي الله تعالى له قضاء إلا كان خيرا له ، إن أصابته سرّاء شكر ، فكان خيرا له ، وإن أصابته ضرّاء صبر ، فكان خيرا له ، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن».
وكان مطرّف بن الشّخير يقول : نعم العبد الصبار الشكور الذي إذا أعطي شكر ، وإذا ابتلي صبر.
وبعد بيان قصة سبأ وما كان من أمرهم في اتباع الهوى والشيطان ، أخبر تعالى بأنهم وأمثالهم هم ممن اتبع إبليس والهوى ، وخالفوا الرشاد والهدى ، فقال : فقال :