(وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) أي ظن إبليس بهؤلاء السابئيين أنه إذا أغواهم اتبعوه ، فكان كما ظن بوسوسته ، فانقادوا لإغوائه وعصوا ربهم وعبدوا الشمس من دون الله ، إلا فريقا مؤمنا منهم قاوموا وسوسة الشيطان وعصوا أمره ، وثبتوا على طاعة الله تعالى.
(وَما كانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْها فِي شَكٍّ ، وَرَبُّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ) أي لم يكن لإبليس على هؤلاء القوم من حجة وبرهان لإضلالهم ، ولم يقهرهم على الكفر ، وإنما كان منه الوسوسة والتزيين ، قال الحسن البصري : والله ما ضربهم بعصا ولا أكرههم على شيء ، وما كان إلا غرورا وأماني دعاهم إليها ، فأجابوه.
ولكن ابتليناهم بوسوسته وسلطانه عليهم لنعلم علم ظهور ـ وإلا فالله بكل شيء عليم ـ أمر من يؤمن بالآخرة وقيامها ، والحساب فيها ، والجزاء بالثواب والعقاب ، ممن هو منها في شك ، فلا يؤمن بحدوثها ولا بما اشتملت عليه من ثواب وعقاب. وربك أيها الرسول محافظ ورقيب على كل شيء ، ومنه أعمال هؤلاء الكفار ، وسيجازيهم عليها يوم الآخرة.
فقه الحياة أو الأحكام :
دلت الآيات على ما يأتي :
١ ـ لقد كان لقبيلة سبأ باليمن بساتين خضراء ومناظر رائعة حسناء ، وخيرات وفيرة عن يمين واديهم التي يسكنون فيها وعن شمالهم في مأرب ، وتلك علامة دالة على قدرة الله تعالى على أن لهم خالقا خلقهم ، وأن كل الخلائق لو اجتمعوا على أن يخرجوا من الخشبة ثمرة ، لم يمكنهم ذلك ، ولم يهتدوا إلى اختلاف أجناس الثمار وألوانها وطعومها وروائحها وأزهارها ، وفي ذلك ما يدل على أنها لا تكون إلا من عالم قادر.