هلك» والمعنى : أن الكافر يكافأ على أعماله ويحاسب عليها ويحبط ما عمل من خير.
٥ ـ ومن النعم على أهل سبأ جعل طرقاتهم وممراتهم التجارية بين اليمن والشام مأهولة ، لا تحتاج إلى حمل ماء وزاد ، فقد جعل لهم محطات يستريحون فيها بالقيلولة والمبيت هي القرى الكثيرة على طول الطريق إلى الشام ، قيل : إنها كانت أربعة آلاف وسبع مائة قرية بورك فيها بالشجر والثمر والماء. والمسافات بين تلك القرى منتظمة ، إذ جعل بين كل قريتين نصف يوم ، حتى يكون المقيل في قرية والمبيت في قرية أخرى.
كما أن تلك الطرقات كانت آمنة غير مخوفة ليلا ونهارا ، ولا يحتاجون إلى طول السفر ، لوجود ما يحتاجون إليه. قال قتادة : كانوا يسيرون غير خائفين ولا جياع ولا ظماء ، وكانوا يسيرون مسيرة أربعة أشهر في أمان ، لا يحرّك بعضهم بعضا ، ولو لقي الرجل قاتل أبيه لا يحرّكه ، فلم يشكروا النعمة ، بل طلبوا التعب والكدّ.
٦ ـ بطروا النعمة أيضا ، وطغوا ، وسئموا الراحة ، ولم يصبروا على العافية ، فتمنوا طول الأسفار والكدح في المعيشة ، فتبددوا في الدنيا ، وتفرقوا في البلاد كل تفرق ، وجعل بينهم وبين الشام فلوات ومفاوز يركبون فيها الرواحل ، ويتزودون الأزواد ، وظلموا أنفسهم بكفرهم ، وأصبحوا مدار القصص والتحدث بأخبارهم ، وعبرة للمعتبر.
٧ ـ إن في هذا التبديل والتدمير وتغير نمط الحياة من رفاه ونعومة إلى تعب وكدّ وشظف وخشونة لعبرة ودلالة لكل صبار يصبر عن المعاصي ، شكور لنعم الله تعالى.
٨ ـ كانوا في كفرانهم النعم ، وجحودهم وجود الله وعبادتهم الشمس ،