(وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئاتِ السَّيِّئاتِ) : إما مفعول (يَمْكُرُونَ) بمعنى يعملون ، أو منصوب على المصدر ؛ لأن معنى (يَمْكُرُونَ) : يسيئون ، أو وصف لمصدر محذوف ، أي يمكرون المكرات السيئات ، ثم حذف الموصوف وأقام الصفة مقامه. (وَمَكْرُ أُولئِكَ هُوَ يَبُورُ مَكْرُ) مبتدأ وخبره (يَبُورُ) وهو : فصل بين المبتدأ والخبر ، ويجوز الفصل إذا كان الفعل مضارعا.
البلاغة :
(وَاللهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ ، فَتُثِيرُ سَحاباً ، فَسُقْناهُ) سقناه : التفات من الغيبة إلى التكلم للإشعار بالعظمة.
(تَحْمِلُ) و (تَضَعُ) بينهما طباق ، وكذا بين (يُعَمَّرُ) و (يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ).
المفردات اللغوية :
(أَرْسَلَ) أطلق وأوجد من العدم. (فَتُثِيرُ سَحاباً) تزعجه وتحركه ، وأتى بالمضارع حكاية للحال الماضية استحضارا لتلك الصورة البديعة الدالة على كمال الحكمة. (إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ) بالتخفيف ، أو ميّت بالتشديد : لا نبات فيه ، ويرى بعضهم : أن الميت بالتخفيف : هو الذي مات ، والميّت بالتشديد ، والمائت : هو الذي لم يمت بعد. (بَعْدَ مَوْتِها) يبسها ، وأحيينا به الأرض : معناه أنبتنا بالمطر الزرع والكلأ. (كَذلِكَ النُّشُورُ) أي كذلك يحيى الله العباد بعد موتهم ، كما أحيا الأرض بعد موتها. و (النُّشُورُ) البعث والإحياء ، يقال : نشر الله الميت وأنشره ، أي أحياه.
(الْعِزَّةَ) الشرف والجاه والمنعة. (فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً) أي فليطلبها من عند الله ، فإن له كل العزة في الدنيا والآخرة ، ولا تنال منه العزة إلا بطاعته ، فليطعه. (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ) مجاز يراد به قبول الله له ، أو علمه به ، و (الْكَلِمُ الطَّيِّبُ) هو التوحيد (لا إله إلا الله) وكل كلام طيب من ذكر الله ، وأمر بمعروف ، ونهي عن منكر ، وتلاوة قرآن ودعاء وغير ذلك. (وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) أي والعمل الصالح يرفع الكلم الطيب ، كما لا يقبل الكلم الطيب إلا مع العمل الصالح. و (الْعَمَلُ الصَّالِحُ) ما كان بإخلاص ، و (يَرْفَعُهُ) يقبله. (وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئاتِ) أي الذين يعملون السيئات في الدنيا على وجه المكر والخديعة ، كالمكر بالنبي صلىاللهعليهوسلم في دار الندوة من تقييده أو قتله أو إخراجه ، كما ذكر في الأنفال ، أو مراءاة المؤمنين في أعمالهم بإيهامهم أنهم مطيعون لله. (يَبُورُ) يبطل ويفسد ولا ينفذ ، من البوار : الهلاك.
(خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ) أي خلق أباكم آدم من تراب. (نُطْفَةٍ) مني يخلق ذريته منه. (ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْواجاً) ذكرانا وإناثا. (إِلَّا بِعِلْمِهِ) أي لا يخرج شيء عن علمه وتدبيره ، وهو حال ، أي