ويقرأ بالرفع على تقدير مبتدأ محذوف ، تقديره : هو تنزيل ، ويقرأ أيضا بالجر على البدل من القرآن.
(ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ قَوْماً) : إما نافية ، وإما مصدرية في موضع نصب ، تقديره : لتنذر قوما إنذارا مثل إنذارنا آباءهم ، ممن كانوا في زمان إبراهيم وإسماعيل.
(وَآثارَهُمْ) هي السنن التي سنّوها ، فيه محذوف تقديره : سنكتب ذكر ما قدموا وذكر آثارهم ، فحذف المضاف ، وأقيم المضاف إليه مقامه. (وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ كُلَ) منصوب بفعل مقدر دلّ عليه (أَحْصَيْناهُ) أي أحصينا كل شيء أحصيناه.
البلاغة :
(إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ) في كل منهما تأكيد بأكثر من مؤكد وهو (إن) واللام ؛ لأن المخاطب منكر ، وهذا التأكيد يسمى إنكاريا.
(إِنَّا جَعَلْنا فِي أَعْناقِهِمْ أَغْلالاً) استعارة تمثيلية ، شبه حال الكفار في امتناعهم عن الإيمان بمن غلّت يده إلى عنقه بالقيود ، فصار مرفوع الرأس خافض البصر ، لا يستطيع فعل شيء ولا الالتفات إلى غيره. وكذلك شبه حالهم بمن وجد بين سدّين لا يستطيع النفاذ والاهتداء لطريقه.
(مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ) بينهما طباق.
(أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ) بينهما طباق السلب.
(نَحْنُ نُحْيِ) جناس ناقص لتغير الحروف.
المفردات اللغوية :
(يس) تقرأ : يا ، س بمد الياء ، وإظهار النون الساكنة ، أو بإدغام نون السين في الواو التي بعدها ، إلخ ما ذكر في الحاشية ، والمراد من هذه الحروف المقطعة الهجائية كما سبق بيانه التنبيه ، مثل ألا ويا ، والإشارة إلى العرب حين تحداهم بالقرآن أنه مؤتلف من حروف تتركب منها لغتهم وكلامهم ، ليكون عجزهم عنه أبلغ حجة عليهم. (وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ) الواو : واو القسم ، يقسم الله تعالى لمحمد صلىاللهعليهوسلم بالقرآن المحكم بعجيب النظم وبديع المعاني ، أو بذي الحكمة ، على أن محمدا رسول من عند الله ، لئلا يشك أحد في كونه مرسلا. (إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) أي الأنبياء المرسلين إلى قومهم وغيرهم ، والتأكيد بالقسم واللام للرد على من أنكر رسالته من الكفار بقولهم : لست مرسلا. (عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) أي الطريق القويم الذي لا التواء فيه ولا اعوجاج ، بل هو الموصل إلى المطلوب ، في العقيدة والشريعة ، في التوحيد والاستقامة في الأمور.