وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ) أي قال الله تكريما له بعد قتله : ادخل الجنة ، لاستشهادك في سبيل إعلان الحق ، فدخلها وهو يرزق فيها ، فلما عاين نعيمها قال : يا ليت قومي يعلمون بمآلي وحسن حالي وحميد عاقبتي ، فيؤمنوا مثل إيماني ، فيصيروا إلى مثل ما أنا فيه من نعيم ، وليتهم يعلمون بما أنعم الله عليّ من مغفرة لذنوبي ، وبما جعلني في زمرة المكرمين المقربين الشهداء الذين منحهم ربهم الثواب الجزيل والفضل العميم. وهذا شأن المؤمن المخلص يحب الخير للناس جميعا ، قال قتادة : لا تلقى المؤمن إلا ناصحا ، لا تلقاه غاشّا.
فقه الحياة أو الأحكام :
أرشدت الآيات إلى ما يأتي :
١ ـ لم يترك الله سبحانه في قرآنه سبيلا لدعوة الناس إلى الإيمان الصحيح ، سواء بالأدلة والبراهين ، أو بإعمال الفكر والعقل ، أو بالتأمل والمشاهدة ، أو بضرب الأمثال ، أو بذكر القصص للعظة والعبرة.
والمراد من بيان قصة أصحاب القرية : توضيح أن النبي صلىاللهعليهوسلم أمر بإنذار المشركين من قومه ، حتى لا يحل بهم ما حلّ بكفار أهل القرية المبعوث إليهم ثلاثة رسل.
٢ ـ يكون الرسول عادة من جنس المرسل إليهم ، حتى لا يبادروا إلى الإعراض بحجة المغايرة والمخالفة ، فتكون شبهة الكافرين ببشرية الرسل في غير محلها ، وإنما الباعث عليها الاعتزاز بالنفس والاستعلاء والاستكبار فيما يبدو.
٣ ـ يؤكد الرسل عادة صدقهم بالمعجزات ، وأما رسل عيسى فقد ذكروا للقوم معجزاته ، وأقسموا بالله أنهم رسل الله الذين بعثهم عيسى بأمر ربه ، وإن كذبوهم ، لم يجدوا سبيلا إلا التصريح بمهمتهم بالتحديد ، وهي إبلاغ الرسالة ، والاعلام الواضح في أن الله واحد لا شريك له.