٤ ـ لا يجد المرسل إليهم في العادة ذريعة بعد دحض حجتهم إلا ادّعاء التشاؤم بالرسل. قال مقاتل في أصحاب القرية : حبس عنهم المطر ثلاث سنين ، فقالوا : هذا بشؤمكم. ويقال : إنهم أقاموا ينذرونهم عشر سنين.
٥ ـ ثم إذا ضاق الأمر بهم يلجأون عادة إلى التهديد والوعيد إما بالطرد والإبعاد من البلد ، وإما بالقتل أو الرجم بالحجارة. قال الفراء في قوله : (لَنَرْجُمَنَّكُمْ) : وعامة ما في القرآن من الرجم معناه القتل. وقال قتادة : هو على بابه من الرجم بالحجارة. وقيل : لنشتمنكم.
وأما قوله تعالى : (وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ) فهو إما القتل أي الرجم بالحجارة المتقدم ، وإما التعذيب المؤلم قبل القتل كالسلخ والقطع والصلب.
٦ ـ إن الشؤم الحقيقي من أهل القرية وهو الشرك والكفر وتكذيب الرسل ، وليس هو من شؤم المرسلين ، ولا بسبب تذكيرهم ووعظهم ، وإنما بسبب إسرافهم في الكفر ، وتجاوزهم الحدّ ، والمشرك يجاوز الحدّ.
٧ ـ لا يعدم الحق في كل زمان أنصارا له ، وإن كانوا قلة ، وكان أهل الباطل كثرة ، فقد قيض الله مؤمنا من أهل القرية جاء يعدو مسرعا لما سمع بخبر الرسل ، وناقش قومه ، ورغبهم وأرهبهم ، ودعاهم إلى توحيد الله واتباع الرسل ، وترك عبادة الأصنام ، فإن الرسل على حق وهدى ، لا يطلبون مالا على تبليغ الرسالة ، وهذا دليل إخلاصهم وعدم اتهامهم بمأرب دنيوي ، والخالق هو الأحق بالعبادة ، وهو الذي إليه المرجع والمآب ، فيحاسب الخلائق على ما قدموا من خير أو شر.
أما الأصنام فلا تجلب نفعا ولا تدفع ضررا ، ولا تنقذ أحدا مما ألمّ به من البلاء ، فمن عبدها بعدئذ فهو في خسران ظاهر.