له وأمره من زواج زينب مطلّقة دعيه ومتبناة سابقا زيد بن حارثة رضياللهعنه. وهذا حكم الله تعالى في الأنبياء قبله ، لم يكن ليأمرهم بشيء ، وعليهم في ذلك حرج وضيق ، وكان أمر الله الذي يقدره كائنا لا محالة ، وواقعا لا محيد عنه ، فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن.
وهذا رد على المنافقين الذين عابوا رسول الله في تزوجه امرأة زيد مولاه ودعيّه الذي كان قد تبناه ، ورد أيضا على اليهود الذين عابوه من كثرة الزوجات ، فقد كان لداود وسليمان عليهماالسلام عدد كثير من النساء.
ثم مدح الله رسله الكرام ، فقال :
(الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسالاتِ اللهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللهَ ، وَكَفى بِاللهِ حَسِيباً) أي إن أولئك الرسل الذين رفع الله الحرج عنهم فيما أحل لهم ، وخاتمهم محمد صلىاللهعليهوسلم مهمتهم تبليغ رسالات الله وشرائعه إلى الناس وأداؤها بأمانة ، وهم يخافون الله وحده في ترك تبليغ شيء من الوحي ، ولا يخافون أحدا سواه ، فلا تمنعهم سطوة أحد أو انتقاده عن إبلاغ رسالات الله تعالى ، وكفى بالله ناصرا ومعينا ، وحافظا لأعمال عباده ومحاسبهم عليها.
ثم رد الله تعالى على نقد من قالوا : إن محمدا تزوج حليلة ابنه ، فقال : (ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ ، وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً) أي إن التزوج بزوجة الابن النسبي بالفعل هو غير جائز ، أما التزوج بزوجة المتبنى بالتبني المصطنع فهو جائز ، خلافا لشرعة الجاهلية ، وإن زيدا لم يكن ابنا لمحمد صلىاللهعليهوسلم حقيقة وإن كان قد تبناه ، وليس هو أبا على الحقيقة لأحد من الرجال ، وإنما هو رسول الله لتبليغ رسالته وشرعه إلى الناس ، وهو الذي ختم به أنبياء الله ورسله ، وكان الله وما يزال عليما مطلعا على كل شيء ، يعلم من بدئت به النبوة ومن ختمت به ، ولا يفعل إلا ما هو الأصلح ، ولا يختار إلا من هو