الزَّمَخْشَري
٤٦٧ ـ ٥٣٨ ه ١٠٧٤ ـ ١١٤٣ م
هو ابو القاسم محمود بن عمر بن محمد بن عمر الخُوارَزمي الزّمَخْشَريّ. ولد بزَمَخْشَر ، وهي قرية كبيرة من قرى خُوارَزم ، واليها نسب. وقد ورد بغداد غير مرّة واخذ الأدب عن ابي الحسن بن المظفّر النَّيسابوري ، وأبي مُضر محمود بن جرير الضَّبّي الأصبهاني ، وسمع من ابي سعد الشِّقاني ، وشيخ الإسلام ابي منصور نصر الحارثي وغيرهم.
سافر الى مكة وجاور بها زمانا فقيل له : جار الله. وكانت احدى رجليه مقطوعة ، ويمشي في رجل من خشب ، وكان اذا مشى القى عليها ثيابه الطوال فيظن من يراهُ انه اعرج.
قيل : وكان سبب سقوط رجله انه كان في بعض اسفاره ببلاد خوارزم ، فاصابه ثلج وبرد شديد في الطريق ، فسقطت رجله من شدة البرد. وكان بيده مَحْضَر فيه شهادة خَلق كثير ممّن اطّلعوا على حقيقة ذلك خوفا من توهّم البعض قطعها لريبة. قال ابن خِلّكان : «وهذا أمر مشهور في تلك البلاد ، وقد شاهدت كثيرا ممن سقطت اطرافهم من شدة البرد ، فلا يَستَبْعِدْهُ من لا يعرفه».
على ان بعض التواريخ تروي ان الزمخشري لمّا قدم بغداد ، واجتمع بالفقيه الدامغاني سأله عن سبب قطع رجله ، فقال : «دُعاء الوالدة ، وذلك اني في صباي أمسكت عصفوراً وربطته بخيط في رجله فأفلت من يدي فأدركته ، وقد دخل في خَرق ، فجذبته فقطعت رجله في الخيط ، فتألمت والدتي لذلك وقالت : قطع الله رجلك كما قطعت رجله. فلما وصلت الى سِنّ الطلب ، رحلت الى بُخارى لطلب العلم ، فسقطت عن الدابّة ، فانكسرت رجلي ، وعملت علي عملا ، اوجب قطعها». قيل : ولعل هذا اقربُ الى الصواب.
مؤلفاته :
كان الزّمخشري شديد الذكاء ، متوقّد الذهن ، جيّد القريحة ؛ وكان إماما كبيرا في التفسير ، والحديث ، والنحو ، واللغة ، وعلم البيان ؛ إماما في عصره غير مدافع تُشدّ اليه الرحال للأخذ عنه. وقد ترك تصانيف كثيرة في العلوم الدينية ، واللغة ، والأدب ، والنحو ، والعروض ، وغيرها ، يربي عددها على الثلاثين. منها : الكشّاف في تفسير القرآن ،