(وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً) التفات من الخطاب إلى الغيبة ، والأصل : وتجعلون ، للإهمال والإبعاد من رحمة الله.
المفردات اللغوية :
(فَاسْتَفْتِهِمْ) استخبرهم واطلب منهم الفتيا توبيخا لهم ، وهو معطوف على مثله في أول السورة ، فإنه تعالى أمر رسوله أولا باستفتاء قريش عن وجه إنكارهم البعث ، ثم أمره باستفتائهم عن وجه القسمة ، حيث جعلوا لله البنات ، ولأنفسهم البنين ، في قولهم : الملائكة بنات الله. (أَلِرَبِّكَ الْبَناتُ) بزعمهم أن الملائكة بنات الله. (وَلَهُمُ الْبَنُونَ) فيختصون بالأعلى ، ويجعلون لله الأدنى.
(وَهُمْ شاهِدُونَ) الخلق ، لأن أمثال ذلك لا يعرف إلا بالشهود أو الحضور. (أَمْ) بمعنى «بل» الإضرابية ، مع همزة الاستفهام. (إِفْكِهِمْ) الإفك : أشد الكذب. (وَلَدَ اللهُ) بقولهم : الملائكة بنات الله. (لَكاذِبُونَ) فيما ادعوه ، وتدينوا به. (أَصْطَفَى) اختار ، والاصطفاء : أخذ صفوة الشيء. وهو استفهام إنكار واستبعاد.
(ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) هذا الحكم الفاسد الذي لا يرتضيه عقل. (أَفَلا تَذَكَّرُونَ) أنه منزه عن ذلك من الولد والشريك والند والنظير. (سُلْطانٌ مُبِينٌ) حجة واضحة ، نزلت عليكم من السماء بأن الملائكة بناته ، أو أن لله ولدا. (فَأْتُوا بِكِتابِكُمْ) الذي أنزل عليكم. (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) في ادعائكم أو قولكم ذلك.
(وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً) أي جعل المشركون بينه تعالى وبين الملائكة نسبا أي صلة وارتباطا بقولهم : إنها بنات الله ، وسموا بالجنّة لاستتارهم عن الأبصار. (وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ) إن الكفرة قائلي ذلك. (لَمُحْضَرُونَ) للنار للعذاب فيها. (سُبْحانَ اللهِ) تنزيها لله. (عَمَّا يَصِفُونَ) من الولد (بأن لله ولدا) والنسب (إِلَّا عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ) أي لكن عباد الله الذين اصطفاهم ربهم ينزهون الله تعالى عما يصفه هؤلاء ، وهو استثناء منقطع.
(فَإِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ) من الأصنام ، وهو عود لخطابهم. (ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ) على الله (بِفاتِنِينَ) أحدا ، مفسدين الناس بالإغواء ، حاملين إياهم على الضلال والفتنة. وعليه : متعلق بفاتنين. (إِلَّا مَنْ هُوَ صالِ الْجَحِيمِ) إلا من سبق في علم الله تعالى أنه من أهل النار يصلاها لا محالة ، يقال : صلي النار : دخلها.
(وَما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ) أي قال جبريل للنبي صلي الله عليه وآله وسلم : ما منا معشر الملائكة أحد إلا له مقام معلوم في السموات ، يعبد الله فيه لا يتجاوزه. وهذا اعتراف الملائكة بالعبودية للرد على عبدتهم. (وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ) صفوفا في أداء الطاعة ومنازل الخدمة. (وَإِنَّا لَنَحْنُ