(خَزائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ) مفاتيح نعم ربك (الْعَزِيزِ) الغالب (الْوَهَّابِ) من النبوة وغيرها ، حتى يعطوها لمن شاؤوا (فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبابِ) أي فليصعدوا في المعارج والوسائل التي توصلهم إلى السماء والاستيلاء على العرش ، حتى يحكموا بما يريدون (جُنْدٌ ما) جند حقير من الكفار (هُنالِكَ) إشارة إلى حيث وضعوا فيه أنفسهم من الانتداب لمثل هذا القول ، وتكذيب النبي (مَهْزُومٌ ، مِنَ الْأَحْزابِ) صفتان ل (جُنْدٌ) فهم مغلوبون ، متحزبون على الأنبياء قبلك ، فقهروا وهلكوا ، فكذلك نهلك هؤلاء.
سبب النزول :
نزول الآية (٥):
(أَجَعَلَ الْآلِهَةَ ..) : أخرج أحمد والترمذي والنسائي والحاكم وصححه عن ابن عباس قال : مرض أبو طالب ، فجاءته قريش ، وجاءه النبي صلي الله عليه وآله وسلم ، فشكوه إلى أبي طالب ، فقال : يا ابن أخي ، ما تريد من قومك؟ قال : أريد منهم كلمة ، تدين لهم بها العرب ، وتؤدي إليهم العجم الجزية كلمة واحدة ، قال : وما هي؟ قال : لا إله إلا الله ، فقالوا : إلها واحدا؟ إن هذا لشيء عجاب ، فنزل فيهم (صلي الله عليه وآله وسلم وَالْقُرْآنِ ..) إلى قوله : (بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذابِ).
التفسير والبيان :
(صلي الله عليه وآله وسلم ، وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ) صلي الله عليه وآله وسلم أحد حروف الهجاء العربية ، افتتح بها هذه السورة كغيرها من السور للتحدي والتنبيه على إعجاز القرآن ، وتنبيه المخاطب للإصغاء إلى الكلام الآتي بعده. وأقسم بالقرآن ذي البيان الشامل لكل ما يحتاج إليه العباد في المعاش والمعاد من الدين الجامع للعقائد الثابتة الصحيحة ، والشرائع الناظمة للحياة الإنسانية ، والوعد والوعيد ، وهو أيضا ذو الشرف والشهرة والرفعة ، أقسم به إنه لكلام معجز منزل من الله ، وإن محمدا لصادق فيما يدعيه من النبوة ، والرسالة من رب العالمين إلى البشرية جمعاء ، وهو أيضا تذكير كقوله تعالى : (لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ كِتاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ) [الأنبياء ٢١ / ١٠] أي تذكيركم.