لك : لست مرسلا. (إِنَّا نَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ) نعلم السر والجهر ، فنجازيهم عليه ، وهو تعليل النهي على الاستئناف.
المناسبة :
بعد أن ذكر الله تعالى أصلين من أصول الدين الثلاثة ، وهما الوحدانية في قوله : (وَأَنِ اعْبُدُونِي هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ) والبعث أو الحشر في قوله : (هذِهِ جَهَنَّمُ .. اصْلَوْهَا الْيَوْمَ) ذكر الأصل الثالث وهو الرسالة في الآيتين الأوليين : (وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ ...) الآية.
ثم إنه تعالى أعاد الكلام على الوحدانية وأقام الأدلة الدالة عليها في بقية هذه الآيات.
التفسير والبيان :
ينفي الحق تبارك وتعالى صفة الشعر عن القرآن ، وخاصية الشاعرية عن الرسول صلي الله عليه وآله وسلم ، فيقول :
(وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ) أي ليس النبي شاعرا ، وما يصح له الشعر ، ولا يتأتى منه ولا يسهل عليه لو طلبه ، فليس هو في طبعه ، ولا يحبه ، وقد جعله الله أميا لا يقرأ ولا يكتب ، وإنما علمه الله قرآنا هو أسمى من الشعر ، ونوع آخر غير الشعر.
والشعر : كلام عربي له وزن خاص ، ينتهي كل بيت منه بحرف خاص يسمى قافية ، ولا بد في القصيدة من وحدة القافية ، أي الحرف الأخير من كل بيت. ويعتمد الشعر على الخيال الخصب ، والتصوير الرائع ، والعاطفة المشبوبة ، ولا يتبع الشاعر فيه ما يمليه العقل والمنطق ، ولا يتحرى الصدق والدقة في إرسال أوصاف المديح والهجاء والرثاء والغزل وغير ذلك ، ويبالغ الشاعر في التصوير والوصف ، وما همّه إلا انتزاع الإعجاب من السامعين بقوله ، لذا وصف