المفردات اللغوية :
(رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ) من أقاربه ، فهو ابن عم فرعون وولي عهده وصاحب شرطته ، وهو الظاهر ، وقيل : إنه رجل إسرائيلي أو غريب موحد كان يجاملهم (أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً) أتقصدون قتله؟ (أَنْ يَقُولَ) لأن يقول : (رَبِّيَ اللهُ) وحده ، وذلك من غير روية وتأمل في أمره (وَقَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ) بالمعجزات الظاهرات والبراهين الواضحات على وحدانية الله والدالة على صدقه (مِنْ رَبِّكُمْ) نسب الرب إليهم استدراجا لهم إلى الاعتراف به ، ثم احتج عليهم بقوله : (وَإِنْ يَكُ كاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ) : لا يتخطاه وبال كذبه وضرره ، فلا حاجة إلى قتله (وَإِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ) فلا أقل من أن يصيبكم بعضه. قال البيضاوي : وفيه مبالغة في التحذير ، وإظهار للإنصاف وعدم التعصب ، ولذلك قدم كونه كاذبا (إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ) مشرك مفتر ، فالمسرف : المقيم على المعاصي المكثر منها ، والكذاب : المفتري. وهو احتجاج ثالث من وجهين : أحدهما ـ أنه لو كان مسرفا كذابا لما هداه الله إلى البينات ، ولما عضده بتلك المعجزات ، وثانيهما ـ أن من خذله الله وأهلكه فلا حاجة لكم إلى قتله. وفيه تعريض بفرعون وتكذيب ربوبيته.
(ظاهِرِينَ) غالبين عالين على بني إسرائيل (فِي الْأَرْضِ) أرض مصر (فَمَنْ يَنْصُرُنا مِنْ بَأْسِ اللهِ إِنْ جاءَنا)؟ من يمنعنا من عذاب الله إن قتلتم أولياءه؟ أي لا ناصر لنا ، وإنما أدرج نفسه في ضميري الفعلين لأنه كان قريبا لهم ، وليريه أنه معهم (قالَ فِرْعَوْنُ : ما أُرِيكُمْ إِلَّا ما أَرى) أي ما أشير عليكم إلا بما أشير به على نفسي ، وهو قتل موسى (وَما أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشادِ) أي ما أدلكم إلا على طريق الصواب.
(إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ) في تكذيبه والتعرض له (مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزابِ) أي مثل أيام الأمم الماضية ، يعني وقائعهم ، و (الْأَحْزابِ) الأقوام الذين تحزّبوا على أنبيائهم وكذبوهم ، وكلمة (يَوْمِ) مفرد مضاف فيعم ، فقد أغنى جمع الأحزاب عن جمع اليوم (مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ ...) أي مثل عادة وجزاء ما كانوا عليه من الكفر وإيذاء الرسل ، بتعذيبهم في الدنيا واستئصالهم (وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ) كقوم لوط (وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ) فلا يعاقبهم بغير ذنب ، ولا يترك الظالم منهم بغير انتقام ، وهو أبلغ من قوله : (وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) لأن المنفي فيه عدم تعلق إرادته بالظلم.
(يَوْمَ التَّنادِ) يوم القيامة ، ينادي فيه بعضهم بعضا للاستغاثة ، ويكثر فيه نداء أصحاب الجنة وأصحاب النار وبالعكس ، فينادى بالسعادة لأهل الجنة ، وبالشقاوة لأهل النار وغير ذلك