التفسير والبيان :
(وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ : أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ : رَبِّيَ اللهُ ، وَقَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ مِنْ رَبِّكُمْ) أي قال رجل من أقارب فرعون ورجال دولته : كيف تقتلون رجلا لا ذنب له إلا أن قال : الله ربي ، والحال أنه قد جاءكم بالمعجزات الواضحات والأدلة الدالة على نبوته وصحة رسالته وصدقه؟ فهذا لا يستدعي القتل ، فتوقف فرعون عن قتله ، بسبب صدقه في الدفاع.
قال ابن عباس رضياللهعنهما ـ فيما رواه ابن أبي حاتم ـ : «لم يؤمن من آل فرعون سوى هذا الرجل ، وامرأة فرعون ، والذي قال : (يا مُوسى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ) [القصص ٢٨ / ٢٠].
والحق أنه كان لهذه الكلمة : (أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ : رَبِّيَ اللهُ) تأثير عظيم في نفس فرعون ، وقد كررها أبو بكر في محاولة عقبة بن أبي معيط خنق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، أخرج البخاري في صحيحة عن عروة بن الزبير قال : قلت لعبد الله بن عمرو بن العاص رضياللهعنهما : أخبرني بأشد شيء صنعه المشركون برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، قال : بينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلي بفناء الكعبة إذ أقبل عقبة بن أبي معيط ، فأخذ بمنكب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ولوى ثوبه في عنقه ، فخنقه خنقا شديدا ، فأقبل أبو بكر رضياللهعنه ، فأخذ بمنكبه ، ودفعه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ثم قال : (أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ : رَبِّيَ اللهُ ، وَقَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ مِنْ رَبِّكُمْ)؟.
وأخرج البزار وأبو نعيم في فضائل الصحابة عن علي بن أبي طالب رضياللهعنه أنه قال : «أيها الناس ، أخبروني من أشجع الناس؟ قال : أنت ، قال : أما إني ما بارزت أحدا إلا انتصفت منه ، ولكن أخبروني عن أشجع الناس ، قالوا : لا نعلم ، فمن؟ قال : أبو بكر ، رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وأخذته قريش ، فهذا