ثم عاد الله تعالى إلى إيراد أدلة أخرى من إيجاد العالم العلوي والسفلي على وجود الله ووحدانيته وقدرته ، وبيان إحكام القرآن وكونه كتاب هداية وشفاء ورحمة ، وأن من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها دون جور ولا ظلم.
وأعقب ذلك التعريف بعلم الله المحيط بكل شيء ، والإشارة لعظيم قدرته ، والكشف عن طبع الإنسان من التّكبر عند الرّخاء ، والتّضرع عند الشدة والعناء.
وختمت السورة بوعد الله أن يطلع الناس في كل زمان على بعض أسرار الكون والتّعرف على آيات الله في الآفاق والأنفس الدالة على الوحدانية والقدرة الإلهية ، ثم ذكرت أن المشركين يشكون في البعث والحشر ، ولكن الله محيط بهم وبكل شيء ، وذلك ردّ حاسم عليهم.
أخرج الإمام العالم عبد بن حميد في مسنده وأبو يعلى والبغوي وغيرهم عن جابر بن عبد الله رضياللهعنه قال : «اجتمعت قريش يوما ، فقالوا : انظروا أعلمكم بالسحر والكهانة والشعر ، فليأت هذا الرجل الذي قد فرّق جماعتنا ، وشتّت أمرنا ، وعاب ديننا ، فليكلمه ولننظر ماذا يردّ عليه. فقالوا : ما نعلم أحدا غير عتبة بن ربيعة.
فقالوا : ائته يا أبا الوليد ، فأتاه عتبة فقال : يا محمد أنت خير أم عبد الله؟ فسكت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فقال : أنت خير أم عبد المطلب؟ فسكت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فقال عتبة : إن كنت تزعم أن هؤلاء خير منك ، فقد عبدوا الآلهة التي عبت ، وإن كنت تزعم أنك خير منهم ، فتكلّم حتى نسمع قولك ، إنا والله ما رأينا سخلة قط أشأم على قومك منك ، فرّقت جماعتنا ، وشتّت أمرنا ، وعبت ديننا وفضحتنا في العرب ، حتى لقد طار فيهم أن في قريش ساحرا ، وأن