الذي يقبض الأنفس أو الأرواح حين انقضاء آجالها بالموت ، الوفاة الكبرى ، بما يرسل من الملائكة الذين يقبضونها من الأبدان ، ويقطع تعلقها بالأجساد.
وكذلك يتوفى الأنفس التي لم يأت أجلها الوفاة الصغرى عند المنام ، تشبيها للنائمين بالموتى ، حيث يمنعهم من التمييز والتصرف كالموتى بالفعل ، مع بقاء الأرواح في أبدانهم.
(فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ ، وَيُرْسِلُ الْأُخْرى إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى ، إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) أي يمسك الأنفس والأرواح التي قضى عليها الموت الحقيقي ، أي لا يردها إلى الجسد الذي كانت فيه ، ويرسل النفس النائمة إلى الأجساد حين اليقظة ، بأن يعيد إليها إحساسها ، إلى أجل مسمى ، هو وقت الموت.
إن في ذلك المذكور من التوفي التام والإمساك لنفوس ، والإرسال لنفوس أخرى لعلامات عجيبة دالة على كمال قدرة الله الباهرة ، وحكمته البديعة.
ونظير الآية قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ ، وَيَعْلَمُ ما جَرَحْتُمْ بِالنَّهارِ ، ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضى أَجَلٌ مُسَمًّى ، ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ، ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ. وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ ، وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً ، حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا ، وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ) [الأنعام ٦ / ٦٠ ـ ٦١] فذكر الوفاتين الصغرى ثم الكبرى ، وفي هذه الآية هنا ذكر الكبرى ثم الصغرى ، وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : «لتموتن كما تنامون ، ولتبعثن كما تصحون».
هل هما شيء واحد أو شيئان؟ قال ابن عباس : إن في ابن آدم نفسا وروحا ، بينهما مثل شعاع الشمس ، فالنفس : التي بها العقل والتمييز ، والروح :