القيامة. وفي الآية إشارة إلى أن الكفار يوم القيامة يشتد خوفهم ، حتى لكأن قلوبهم لدى حلوقهم ، وفيها تصريح بعدم جدوى شفاعة الأصنام كما زعموا وتأملوا.
والقيامة وإن طال زمانها في تقدير الناس إلا أنها آتية من غير أي شك فيها ، وكل آت قريب ، كما قال تعالى : (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ) [القمر ٥٤ / ١] وقال جل وعلا : (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ) [الأنبياء ٢١ / ١] وقال سبحانه : (أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ) [النحل ١٦ / ١] وقال عزوجل : (فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً ، سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا) [الملك ٦٧ / ٢٧].
ثم أعلمهم تعالى بشمول علمه وضبطه ودقته ، فقال :
(يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَما تُخْفِي الصُّدُورُ) أي إن الله يعلم النظرة الخائنة التي ينظرها العبد إلى المحرّم ، ويعلم ما تسرّه الضمائر من أمور خيّرة أو شريرة ، حتى حديث النفس أو خواطر النفس. وهذا يعني أن علم الله تام محيط بجميع الأشياء جليلها وحقيرها ، صغيرها وكبيرها ، دقيقها ولطيفها ، ليحذر الناس علمه فيهم ، فيستحيوا من الله حق الحياء ، ويتقوه حق تقواه ، ويراقبوه مراقبة من يعلم أنه يراه ، فإنه تعالى يعلم العين الخائنة ، وإن أبدت أمانة ، ويعلم ما تنطوي عليه خبايا الصدور من الضمائر والسرائر ، أي مضمرات القلوب.
قال ابن عباس رضياللهعنهما في هذه الآية : هو الرجل يدخل على أهل البيت بيتهم ، وفيهم المرأة الحسناء ، أو تمرّ به وبهم المرأة الحسناء ، فإذا غفلوا لحظ إليها ، فإذا فطنوا غض بصره عنها ، فإذا غفلوا لحظ ، فإذا فطنوا غض ، وقد اطّلع الله تعالى من قلبه أنه ود أن لو اطلع على فرجها (١).
__________________
(١) رواه ابن أبي حاتم وابن أبي شيبة وابن المنذر.