نزول الآيتين (١٥ ـ ١٦):
(إِنَّكُمْ عائِدُونَ ، يَوْمَ نَبْطِشُ ...) أخرج البخاري في تتمة الرواية السابقة : فلما أصابتهم الرّفاهية عادوا إلى حالهم ، فأنزل الله : (يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرى ، إِنَّا مُنْتَقِمُونَ) فانتقم الله منهم يوم بدر.
المناسبة :
بعد أن وصف الله تعالى المشركين بأنهم في شكّ من التّوحيد والبعث وقدرة الله ، ذكر تعالى أوصاف يوم العذاب الذي سيحلّ بهم في الدّنيا والآخرة ، تهديدا لهم ، وتسلية لرسوله ، وأنه لا يؤمل اتّعاظهم بالرغم من تهديدهم وإظهار المعجزات والبيّنات على يد رسول الله ، ووصفهم له بأنه معلّم مجنون.
التفسير والبيان :
(فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ) هذا توعّد من الله وتهديد للمشركين ، يقول الله فيه لنبيّه : فانتظر اليوم الذي تأتي فيه السماء بهيئة كالدّخان الواضح المنتشر في الفضاء ، وهذا الدّخان بالنسبة للماضي هو ما أصاب قريشا من الجدب والقحط مدة سبع سنين ، بدعاء النّبي صلىاللهعليهوسلم ، حتى كان الرجل يرى من شدّة الجوع ما بين السماء والأرض دخانا ، لضعف البصر وزيغانه ، كما تقدّم في بيان سبب النّزول عن ابن مسعود رضياللهعنه ، أو هو غبار الحرب يوم بدر.
وأما بالنسبة للمستقبل فهو أمارة وعلامة من أشراط الساعة ، يمكث في الأرض أربعين يوما ، حيث يظهر في الفضاء غبار ذري أو غيره كالدّخان ، يجعل الجو مظلما ، وهذا ما أكّده العلماء في نهاية العالم ، حيث تضعف الطاقة الشمسية. وصفة ذلك الدّخان العموم والشمول ، كما قال تعالى :