تَجْئَرُونَ) [النحل ١٦ / ٥٣].
وبعد بيان أدلة التوحيد والقدرة الإلهية أمر الله تعالى بمحاسن الأخلاق ، فقال :
(قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللهِ ، لِيَجْزِيَ قَوْماً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) أي قل أيها النبي للمؤمنين المصدقين بالله ورسوله : اعفوا واصفحوا وتحملوا أذى هؤلاء المشركين الذين لا يخافون وقائع الله وأنواع عذابه ، ليجزي الله أولئك المؤمنين بما كسبوا في الدنيا من الأعمال الحسنة التي منها الصبر على أذى الكفار وكظم الغيظ واحتمال المكروه. وتنكير (قَوْماً) لتعظيم شأن المؤمنين المذكورين في قوله تعالى : (قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا). وقوله : (لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللهِ) معناه : لا يخشون مثل عذاب الأمم الخالية.
ثم أوضح الله تعالى أن الإحسان والإساءة يعودان على المحسن والمسيء ، فقال (مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ ، وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها ، ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ) أي من عمل الأعمال الصالحة التي أمر الله بها وانتهى عما نهى عنه ، فلنفسه عمل ، ومن اقترف السيئات والمعاصي ، فعلى نفسه جنى ، ثم تعودون إلى الله يوم القيامة ، فتعرضون بأعمالكم عليه ، فيجزيكم عليها خيرها وشرها.
فقه الحياة أو الأحكام :
دلت الآيات على ما يأتي :
١ ـ امتن الله تعالى على عباده بما أنعم عليهم من تسخير البحر لجريان السفن فيه بإذنه ومشيئته ، ولتحقيق المكاسب ومنافع المتاجر ، والغوص على اللؤلؤ والمرجان ، واصطياد الأسماك ، لكي يشكروه على نعمه.
٢ ـ وكذلك امتن الله تعالى على العباد بتسخير جميع ما في السموات وما في