الله ، يقول : أخزاك الله ، من غير أن يعتدي. وسمى جزاء السيئة سيئة ، لأنها تسوء من تنزل به.
ونظير الآية قوله تعالى : (فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ) [البقرة ٢ / ١٩٤] وقوله سبحانه : (وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ) [النحل ١٦ / ١٢٦] وقوله عزوجل : (وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها) [الأنعام ٦ / ١٦٠].
وهكذا فإن جميع العقوبات المدنية والجنائية في الإسلام تجب فيها المماثلة ، فالقصاص مثلا من القاتل عمدا أو في الجروح واجب بقوله تعالى : (وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الْأَلْبابِ) [البقرة ٢ / ١٩٤] وقوله عزوجل : (وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ) [البقرة ٢ / ١٩٤] وقوله سبحانه : (وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ) [المائدة ٥ / ٤٥] لكن رغّب تعالى بالعفو في آخر الآية الأخيرة ، فقال : (فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ) وهنا قال :
(فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ) أي من عفا عن الظالم المسيء ، وأصلح بالود والعفو ما بينه وبين معاديه ، فثوابه على الله ، يعطيه جزاء أعظم ، كما قال صلىاللهعليهوسلم فيما رواه أحمد ومسلم والترمذي عن أبي هريرة : «وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا».
ووصف الله المتقين بقوله : (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ ، وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ ، وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ ، وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) [آل عمران ٣ / ١٣٤].
(إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) أي إنه تعالى لا يحب المبتدئين بالظلم ، ولا يحب من يتعدى في الاقتصاص ويجاوز الحد فيه ، لأن المجاوزة ظلم. والمراد أنه تعالى يعاقب المتجاوز حده. وهذا تأكيد لمطلع الآية في اشتراط المماثلة نوعا ومقدارا.
ثم أكد الله تعالى مشروعية دفع الظلم والبغي ، فقال :