(وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ ، فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ) أي والله إن المنتصر من الظالم بعد ظلمه له ، لا سبيل عليه بمؤاخذة أو عقوبة ، لأن الانتصار بحق ، فيشرع القصاص في الجنايات العمدية ، والضمان في جنايات الخطأ والإتلافات ، ويجوز الشتم والسب بالمثل دون اعتداء ولا تجاوز.
(إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ ، وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِ) أي إنما المؤاخذة والعقوبة على الذين يبدءون الناس بالظلم ، أو يتعدّون مبدأ المماثلة ، ويتجاوزون الحد في الانتقام ، ويجنون على النفوس والأموال بغير الحق ، ويتكبرون ويتجبرون بظلم الناس ، وسلب الحقوق.
(أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) أولئك البادئون بالظلم أو المتجاوزون الحدود لهم عذاب مؤلم شديد بسبب اعتدائهم.
ثم أكد الله تعالى الترغيب في العفو والصفح عند المقدرة ، فقال :
(وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) أي بعد أن ذم تعالى الظلم وأهله وشرع القصاص ، ندب إلى العفو والصفح ، فقال : إن من صبر على الأذى ، وستر السيئة ، وغفر خطأ من ظلمه ، فإن ذلك الصبر والمغفرة لمن الأمور المشكورة والأفعال الحميدة ، التي يثاب عليها بالثواب الجزيل والثناء الجميل ، لأن الإنسان الغاضب يثبت فيها ويرسخ ، ولا ينطلق وراء شهوة الانتقام.
فقه الحياة أو الأحكام :
يؤخذ من الآيات ما يأتي :
١ ـ ترغيب المؤمنين بالاتصاف بأمهات الفضائل التي ذكرت في الآيات ليكونوا ورّاث الجنة وأهلها ، وتلك الصفات سبع هي : اجتناب كبائر الإثم والفواحش ، وهي كل ما توعد الله عليه بالعذاب أو أوجب فيه حدا من الحدود