واستشهد في ذلك بقول النبي صلىاللهعليهوسلم لهند زوج أبي سفيان في الحديث المتفق عليه عن عائشة : «خذي من ماله ما يكفيك وولدك» فأجاز لها أخذ ذلك بغير إذنه.
٦ ـ اختلف اجتهاد المجتهدين فيما إذا لم يمكن استيفاء الحق إلّا باستيفاء الزيادة ، بسبب التعارض بين إلحاق زيادة الضرر بالجاني ، وبين منع المجني عليه من استيفاء حقه ، فأيهما أولى؟ وذكر الرازي أمثلة عشرة لهذا الخلاف (١) أشير إليها بإيجاز :
المثال الأول ـ احتج الشافعي رضياللهعنه على أن المسلم لا يقتل بالذمي وأن الحر لا يقتل بالعبد : بأن قال : المماثلة شرط لجريان القصاص ، وهي مفقودة في هاتين المسألتين ، فوجب ألا يجري القصاص بينهما.
المثال الثاني ـ احتج الشافعي رضياللهعنه في أن الأيدي تقطع باليد الواحدة ، فقال : لا شك أنه إذا صدر كل القطع أو بعضه عن كل أولئك القاطعين أو عن بعضهم ، فوجب أن يشرع في حق أولئك القاطعين مثله ، لهذه النصوص.
المثال الثالث ـ شريك الأب يشرع في حقه القصاص ، لأنه صدر عنه الجرح فوجب أن يقابل بمثله ، لقوله تعالى : (وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ) [المائدة ٥ / ٤٥].
المثال الرابع ـ قال الشافعي رضياللهعنه : من حرّق حرقناه ، ومن غرّق غرقناه ، والدليل عليه هذه النصوص الدالة على مقابلة كل شيء بمماثله.
المثال الخامس ـ شهود القصاص إذا رجعوا وقالوا : تعمدنا الكذب ، يلزمهم القصاص ، لأنهم بتلك الشهادة أهدروا دمه ، فوجب أن يصير دمهم مهدرا لقوله تعالى : (وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها).
__________________
(١) تفسير الرازي : ٢٧ / ١٧٩ ـ ١٨٠.