والمؤمن وإن شارك الكافر في التّمتع بالدنيا ، فلم يذكر ذلك في حقه ، لأن له الجنة العظيمة ، فمتاع الدنيا لا يلتفت إليه في حقّه ، والكافر ليس له إلا الدنيا.
٤ ـ خصّ الله تعالى أهل مكة بتهديد ووعيد آخر ، فلما لم ينتفعوا بالمثل العام بقوله تعالى : (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ) ذكر لهم مثلا آخر ، وهو أن كثيرا من الأقوام الغابرة كانوا أشدّ قوة منهم ، فأهلكهم الله تعالى ، ولا ناصر لهم.
٥ ـ لا يستوي عقلا في الدنيا وواقعا وعدلا في الآخرة أهل الإيمان الذين هم على بصيرة وثبات ويقين وهم محمد صلىاللهعليهوسلم وأمته ، وعبّاد الأصنام كأبي جهل وسائر الكفار الذين حسّن لهم الشيطان قبيح أعمالهم ، واتبعوا ما اشتهوا ، فالفريق الأول ناجون والثاني هالكون.
صفة نعيم الجنة وعذاب النار
(مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيها مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا ماءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ (١٥))
الإعراب :
(مَثَلُ الْجَنَّةِ) مبتدأ ، وخبره : (كَمَنْ هُوَ خالِدٌ) أو (فِيها أَنْهارٌ) وكأن قائلا قال : وما مثلها؟ فقيل : فيها أنهار ، ويجوز أن يكون (فِيها أَنْهارٌ) في موضع الحال ، أي مستقرة فيها أنهار ، كما يجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف تقديره : هي فيها أنهار.
(مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ لَذَّةٍ) : تأنيث «لذّ» وهو اللذيذ ، أو وصف بمصدر ، مثل