ثم ذم الله تبارك وتعالى الذين ينادون رسول الله صلىاللهعليهوسلم من خلف أو قدام الحجرات ، وهي بيوت نسائه ، كما يفعل أجلاف الأعراب ، فقال تعالى مرشدا لهم إلى ما هو الخير والأفضل :
(إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ) أي إن الذين ينادونك من بعيد ، من وراء حجرات (بيوت) نسائك ، وهم جفاة بني تميم أكثرهم جهال لا يعقلون الأصول والآداب والأشياء ، ولا يدركون ما يجب لك من التعظيم والاحترام. وقوله : (أَكْثَرُهُمْ) إما أن يراد به الكل ، لأن العرب تذكر الأكثر وتريد الكل ، احترازا عن الكذب واحتياطا في الكلام ، أو يكون المراد أنهم في أكثر أحوالهم لا يعقلون.
(وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ ، لَكانَ خَيْراً لَهُمْ ، وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) أي وليتهم لو صبروا حتى تخرج إليهم كالمعتاد ، لكان لهم في ذلك الخير والمصلحة في الدنيا والآخرة ، لما فيه من رعاية حسن الأدب مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم ورعاية جانبه الشريف ، والعمل بما يستحقه من الإعظام والإجلال ، والله غفور لذنوب الشريف ، والعمل بما يستحقه من الإعظام والإجلال ، والله غفور لذنوب عباده ، رحيم بهم ، لا يؤاخذ مثل هؤلاء فيما فرط منهم من إساءة الأدب. وهذا حث على التوبة والإنابة.
فقه الحياة أو الأحكام :
دلت الآيات على ما يأتي :
١ ـ وجوب طاعة الله تعالى ورسوله صلىاللهعليهوسلم ، وتقديم حكم القرآن والسنة على ما سواهما.
٢ ـ تعليم العرب وغيرهم مكارم الأخلاق وفضائل الآداب ، إذ كان في العرب جفاء وسوء أدب في خطاب النبي صلىاللهعليهوسلم وتلقيب الناس.
٣ ـ قال القرطبي وابن العربي : قوله تعالى : (لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ) أصل في ترك التعرض لأقوال النبي صلىاللهعليهوسلم ، وإيجاب اتباعه والاقتداء