أولا ـ تشترك السورتان في افتتاح أولها بحرف واحد من حروف الهجاء ، والقسم بالقرآن ، وقوله : (بَلْ) والتعجب. كما أن أول السورتين وآخرهما متناسبان ، ففي أول (ص) : (وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ) وفي آخرها : (إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ) ، وفي أول (ق) : (وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ) وفي آخرها : (فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ) فافتتح بما اختتم به. أي أن السورتين تبدأ ان بحرف هجاء ، وتبتدئان وتنتهيان بالتحدث عن القرآن.
ثانيا ـ عنيت سورة ص بتقرير الأصل الأول وهو التوحيد ، في قوله تعالى : (أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً) وقوله تعالى : (أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلى آلِهَتِكُمْ) ، وعنيت سورة ق بتقرير الأصل الثاني وهو الحشر ، في قوله تعالى : (أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً ، ذلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ).
وبدئت وختمت كل سورة بما يناسبها ، فكان افتتاح سورة ص في تقرير المبدأ ، ثم قال تعالى في آخرها : (إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ) لحكاية بدء الخلق ، لأنه دليل الوحدانية ، وكان افتتاح سورة (ق) لبيان الحشر ، ثم قال سبحانه في آخرها : (يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِراعاً ، ذلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنا يَسِيرٌ) فاتفق بدء كل سورة مع خاتمتها.
إنكار المشركين البعث والرّد عليهم
(ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ (١) بَلْ عَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقالَ الْكافِرُونَ هذا شَيْءٌ عَجِيبٌ (٢) أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً ذلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ (٣) قَدْ عَلِمْنا ما تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنا كِتابٌ حَفِيظٌ (٤) بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ (٥) أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّماءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْناها وَزَيَّنَّاها وَما لَها مِنْ فُرُوجٍ (٦)