أَبْقى ، وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ ، إِنَّهُمْ كانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغى ، وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى) (٥٠ ـ ٥٣). وهذا يشابه الأعراف بعد الأنعام ، والشعراء بعد الفرقان ، والصافات بعد يس.
موضوع هذه السورة كسائر السور المكية لتقرير أصول العقيدة الإسلامية ، بدءا من إنزال القرآن بالوحي وتهديد المكذبين بآياته ، وانتهاء بالجزاء الحتمي يوم القيامة ومشاهد عذاب الكفار ، وأنواع ثواب المتقين وتكريمهم.
أخبرت السورة أولا بقرب وقت القيامة ودليل ذلك وهو انشقاق القمر الذي هو أحد المعجزات الكبرى للنبي صلىاللهعليهوسلم ، وموقف المشركين من تلك المعجزة ووصفها بأنها سحر مفترى ، وغفلتهم عما في القرآن من الزواجر.
وتلا ذلك أمر الرسول صلىاللهعليهوسلم بالإعراض عنهم ، وإنذارهم بحشرهم أذلة مسرعين كالجراد المنتشر ، بعبارات تهز المشاعر ، وتثير المخاوف ، وتملأ النفس رعبا وفزعا من أهوال القيامة.
ثم أنذرت كفار مكة بعذاب مشابه لعذاب الأمم السابقة كقوم نوح وعاد وثمود وقوم لوط وقوم فرعون جزاء على تكذيبهم الرسل ، وأفردت كل قصة عن الأخرى ، وعقبتها بعبارة مخيفة تدعو للعجب وهي : (فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ؟!) وقرنها بقوله : (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ).
ثم وبخت مشركي قريش على غفلتهم عن هذه النذر ، وحذرتهم مصرعا مماثلا لمصارع أولئك الأقوام ، وهو القتل والهزيمة في الدنيا ، وعذاب الآخرة الأدهى والأمرّ ، الذي يصاحبه الذل والمهانة بالسحب على وجوههم في النار ، فهم في ضلال وسعر.