قدّر الله ، وما شاء فعل ، ولا تقل : لو أني فعلت كذا لكان كذا ، فإن : لو تفتح عمل الشيطان».
وأخرج أحمد والترمذي والحاكم عن ابن عباس أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال له : «يا غلام ، إني أعلّمك كلمات : احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك ، إذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله ، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك ، رفعت الأقلام ، وجفّت الصحف».
ومن المعلوم أن الكتابة لا تغني الجبر والفرض على العباد ، والعلم السابق بالأشياء لا يدل على الإلزام ، وإنما يدل على أن جميع ما في الكون معلوم سابقا لله تعالى.
ثم أوضح الله تعالى نفاذ مشيئته في خلقه ، ونفاذ قدره فيهم ، فقال :
(وَما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ) أي إن أمرنا بإيجاد الأشياء إنما يكون مرة واحدة ، لا حاجة فيه إلى تأكيد ثان ، فيكون الذي نأمر به بكلمة واحدة حاصلا موجودا كلمح البصر في سرعته ، لا يتأخر طرفة عين. ولمح البصر : إغماض البصر ، ثم فتحه. وهذا تمثيل وتقريب لسرعة نفاذ المشيئة في إيجاد الأشياء ، فهو كلمح البصر أو أقرب ، كما قال تعالى : (إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ : كُنْ فَيَكُونُ) [يس ٣٦ / ٨٢].
ثم أعاد تعالى التنبيه للحق والاتعاظ بهلاك السابقين ، فقال :
(وَلَقَدْ أَهْلَكْنا أَشْياعَكُمْ ، فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ؟) أي وتالله لقد أهلكنا أمثالكم وأشباهكم في الكفر يا معشر قريش ، من الأمم السابقة المكذبين بالرسل ، فهل