٣ ـ إن تعذيب الكفار لا يقتصر على الدنيا بالقتل والأسر والهزيمة والذل والهوان ، وإنما لهم عذاب آخر في الآخرة أشد وأعظم ، وأدهى وأمرّ ، وأدوم وأخلد ..
٤ ـ إن الكفار والمشركين في حيدة عن الحق واحتراق في نار جهنم ، ويجرّون على وجوههم في النار بقصد الإذلال والإهانة.
٥ ـ الله تعالى خالق كل شيء وخالق أفعال العباد كلها دون جبر ولا إكراه عليها : (وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ) [الصافات ٣٧ / ٩٦] وقوله تعالى هنا : (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ) فالله قادر ، غير أنه لم يجبر أحدا على ما يفعله بل تركه لاختياره وحريته.
ويعد المشركون قدرية لإثباتهم القدرة على الحوادث لغير الله من الكواكب ، وطائفة القدرية من المسلمين يوصفون بهذا الوصف لقولهم : لا قدرة لله على تحريك العبد بحركة ، كالصلاة والزنا ، وإنما العبد يخلق أفعال نفسه.
قال القرطبي : والذي عليه أهل السنة : أن الله سبحانه قدّر الأشياء ، أي علم مقاديرها وأحوالها وأزمانها قبل إيجادها ، ثم أوجد منها ما سبق في علمه أنه يوجده على نحو ما سبق في علمه ، فلا يحدث حدث في العالم العلوي والسفلي إلا وهو صادر عن علمه تعالى وقدرته وإرادته دون خلقه ، وأن الخلق ليس لهم فيها إلا نوع اكتساب ومحاولة ونسبة وإضافة ، وأن ذلك كله إنما حصل لهم بتيسير الله تعالى بقدرته وتوفيقه وإلهامه ، سبحانه لا إله إلا هو ، ولا خالق غيره ، كما نص عليه القرآن والسنة ، لا كما قالت القدرية وغيرهم من أن الأعمال إلينا ، والآجال بيد غيرنا. قال أبو ذرّ رضياللهعنه : قدم وفد نجران على رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقالوا : الأعمال إلينا والآجال بيد غيرنا ، فنزلت هذه الآيات إلى قوله : (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ) فقالوا : يا محمد يكتب علينا الذنب