لها. (خَلَقَ الْإِنْسانَ) الجنس الإنساني. (الْبَيانَ) التعبير عما في النفس ، وإفهام الغير لما يدركه من تلقي الوحي ، وتعرف الحق ، وتعلم الشرع.
(بِحُسْبانٍ) يجريان بحساب دقيق منظم ، مقدر في بروجهما ومنازلهما. (وَالنَّجْمُ) النبات الذي ينجم أي يظهر من الأرض ، ولا ساق له كالحنطة والمقاثي. (وَالشَّجَرُ) الذي له ساق كالنخل وأشجار الفاكهة. (يَسْجُدانِ) ينقادان أو يخضعان لله فيما يريد بهما طبعا ، كما ينقاد الساجد من المكلفين اختيارا أو طوعا. (رَفَعَها) خلقها مرفوعة المحل والرتبة. (وَوَضَعَ الْمِيزانَ) أثبت العدل والنظام والتوازن في الأشياء الكونية كلها ، قال صلىاللهعليهوسلم : «بالعدل قامت السموات والأرض». (أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزانِ) أي لئلا تجوروا فيما يوزن به ، ولا تعتدوا ولا تجاوزوا الإنصاف.
(وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ) أي قوّموا الوزن بالعدل. (وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزانَ) تنقصوا الموزون ، والتكرار مبالغة في التوصية به ، وزيادة الحث على استعماله ، وقرئ : «ولا تخسروا» بفتح التاء ، وضم السين وكسرها وفتحها. (وَالْأَرْضَ وَضَعَها لِلْأَنامِ) أي أثبتها وبسطها للخلق من الإنس والجن وغيرهم.
(فِيها فاكِهَةٌ) أنواع ما يتفكه به. (الْأَكْمامِ) أوعية الطلع والثمر ، جمع كم : بالكسر. (وَالْحَبُ) كالحنطة والشعير والذرة وسائر ما يتغذى به. (ذُو الْعَصْفِ) ورق الزرع الجاف ، وهو التبن. (وَالرَّيْحانُ) الورق المشموم الطيب الرائحة من النبات. (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) أي فبأي نعم ربّكما أيها الإنس والجن تكذبان؟ والاستفهام للتقرير ، ذكرت في السورة إحدى وثلاثين مرة ، فكلما ذكر تعالى نعمة وبخ على التكذيب بها ، كما يقول الرجل لغيره معاتبا ومذكرا ومؤنبا : ألم أحسن إليك بكذا بالمال ، ألم أحسن إليك بأن أنقذتك من كذا وكذا؟ ويكون التكرار لاختلاف ما يقرر به ، وهذا شيء كثير مألوف في كلام العرب ، كقول مهلهل يرثي كليبا :
على أنّ ليس عدلا (١) من كليب |
|
إذا ما ضيم جيران المجير |
على أن ليس عدلا من كليب |
|
إذا رجف العضاة من الدّبور (٢) |
على أن ليس عدلا من كليب |
|
إذا خرجت مخبأة الخدور |
على أن ليس عدلا من كليب |
|
إذا ما أعلنت نجوى الأمور |
على أن ليس عدلا من كليب |
|
إذا خيف المخوف من الثغور |
على أن ليس عدلا من كليب |
|
غداة تأثل الأمر الكبير |
__________________
(١) عدلا : أي مثلا ونظيرا.
(٢) العضاة : كل شجر يعظم وله شوك ، والدّبور : الريح التي تقابل الصّبا.