قال تعالى : (فالِقُ الْإِصْباحِ ، وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً ، وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْباناً ، ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) [الأنعام ٦ / ٩٦].
ثم أورد الله تعالى بعض عوالم الأرض السفلى ، فقال :
(وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ) أي أن النبات الذي لا ساق له ، والشّجر الذي له ساق ينقادان طبعا لله تعالى فيما أراد ، كما ينقاد الساجدون من المكلفين اختيارا ، فإن ظهورهما من الأرض في وقت معين ولأجل محدد ، وجعلهما غذاء للإنسان ، ومتعة له شكلا ولونا ومقدارا وطعما ورائحة ، انقياد لقدرة الله تعالى.
ثم نبّه الله تعالى إلى ظاهرة التوازن بين الأشياء ، وضرورة التعادل في المبادلات ، فقال: (وَالسَّماءَ رَفَعَها وَوَضَعَ الْمِيزانَ ، أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزانِ) أي جعل السماء مرفوعة المحل والرتبة فوق الأرض ، وأقام التوازن في العالمين العلوي والسفلي الأرضي ، وأثبت في الأرض العدل الذي أمر به ، لئلا تتجاوزوا العدل والإنصاف في آلة الوزن أثناء مبادلة الأشياء ، كما قال تعالى : (لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا بِالْبَيِّناتِ ، وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ وَالْمِيزانَ ، لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ) [الحديد ٥٧ / ٢٥] فهذا نهي عن الطغيان في الوزن.
وأكّد على التزام العدل أو التعادل ، فقال :
(وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ ، وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزانَ) أي قوّموا وزنكم بالعدل ، ولا تنقصوه ولا تبخسوه شيئا ، بل زنوا بالحق والقسط ، كما قال تعالى : (وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ) [الشعراء ٢٦ / ١٨٢].
وهذا التكرير لتأكيد الأمر بالعدل ، ويلاحظ أنه سبحانه أمر أولا