و (أُولئِكَ) مبتدأ ثان ، و (الْمُقَرَّبُونَ) خبره. والأحسن أن يقال : (السَّابِقُونَ) مبتدأ ، والثاني : خبر ، وجملة (أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ) استئناف بياني.
البلاغة :
(إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ) جناس اشتقاق.
(الْمَيْمَنَةِ) .. و (الْمَشْئَمَةِ) بينهما طباق ، وكذا بين (خافِضَةٌ رافِعَةٌ) وإسناد الخفض والرفع إلى القيامة مجاز عقلي ، لأن الخافض الرافع على الحقيقة هو الله وحده ، ونسب إلى القيامة مجازا ، مثل «نهاره صائم».
المفردات اللغوية :
(إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ) إذا حدثت القيامة ، سماها واقعة لتحقق وقوعها. (لَيْسَ لِوَقْعَتِها) لوقوعها. (كاذِبَةٌ) كذب ، أو نفس كاذبة ، بأن تنفيها حين تقع كما تكذب الآن في الدنيا. (خافِضَةٌ رافِعَةٌ) تخفض قوما وترفع آخرين ، بدخولهم النار ودخولهم الجنة ، وهو تقرير لعظمتها ، فإن الوقائع العظام تميز بين الناس.
(رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا) زلزلت وحركت تحريكا شديدا يؤدي إلى سقوط البناء والجبال (وَبُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا) فتتت وصارت كالسويق الملتوت ، يقال : بسّ فلان السويق ، أي لته (هَباءً) غبارا. (مُنْبَثًّا) متفرقا منتشرا.
(وَكُنْتُمْ) في القيامة. (أَزْواجاً) أصنافا ، وكل ما يذكر مع صنف آخر : زوج ، وكل قرينين ذكر وأنثى : زوج. (فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ) أهل اليمين ، الذين يؤتون كتبهم بأيمانهم. (ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ) تعظيم لشأنهم بدخولهم الجنة ، فهم أصحاب المنزلة السنية. (وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ) أهل الشمال الذين يؤتون كتبهم بشمائلهم. (ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ) تحقير لشأنهم بدخول النار ، فهم أصحاب المنزلة الدنية.
(وَالسَّابِقُونَ) هم الذين سبقوا إلى الخير في الدنيا ، وهم الأنبياء. (السَّابِقُونَ) تأكيد ، لتعظيم شأنهم ، لأنهم سبقوا إلى الإيمان والطاعة من غير توان. (أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ) الذين قرّبت درجاتهم ، وأعليت مراتبهم في الجنة ، فهم أهل الحظوة والكرامة عند ربهم.
التفسير والبيان :
(إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ ، لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ) أي إذا قامت القيامة ، ليس