في إعجابها لكم واضمحلالها كمثل (غَيْثٍ) مطر. (أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَباتُهُ) أعجب الزراع نباته الناشئ عنه. (ثُمَّ يَهِيجُ) ييبس بعد أن كان أخضر. (حُطاماً) هشيما متكسرا من الجفاف أو اليبس. (وَفِي الْآخِرَةِ عَذابٌ شَدِيدٌ) لمن آثر عليها الدنيا. (وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللهِ وَرِضْوانٌ) لمن آثر الآخرة ، وهذا تنفير عن الانهماك في الدنيا ، وحث على العمل للآخرة. (وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا) أي وما التمتع في الدنيا. (إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ) متاع الخديعة لمن أقبل عليها ونسي الآخرة.
(سابِقُوا) سارعوا مسارعة السابقين في مضمار السباق. (إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ) إلى موجبات المغفرة. (وَجَنَّةٍ عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) أي عرضها كعرضهما ، وإذا كان العرض كذلك ، فما ظنك بالطول؟ (أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ) فيه دليل على أن الجنة مخلوقة ، وأن الإيمان وحده كاف في استحقاقها. (ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ) ذلك الموعود به من الجنة والمغفرة يتفضل الله به على من يشاء من عباده من غير إيجاب ولا إلزام. (وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) والله واسع الفضل ، لا يبعد منه التفضل بذلك.
المناسبة :
بعد أن ذكر الله تعالى أحوال الفريقين : المؤمنين والكافرين في الآخرة ، أردفه بما يدل على تحقير أمور الدنيا ، وكمال حال الآخرة ، فإن الدنيا قليلة النفع سريعة الزوال ، والآخرة تامة الفائدة ، خالدة باقية ، ولا شك أن الأدوم الأخلد مفضل على المؤقت ، لذا أعقبه بالحث على ما يوصل إلى مغفرة الله ورضوانه والفوز بالنعيم الأبدي.
التفسير والبيان :
(اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكاثُرٌ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ) أي اعلموا أيها الناس جميعا أن الحياة الدنيا مجرد لعب لا جدّ ، ولهو يتلهى به ثم يذهب ، وزينة يتزيّن بها مؤقتا ، ومفخرة يفتخر بها بعضكم على بعض بكثرة الأموال وعدد الأولاد.
كما قال تعالى : (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ النِّساءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَناطِيرِ