ويلاحظ أن الآيتين معا : (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ ... وَالَّذِينَ كَفَرُوا ..) بيان للتغابن وتفصيل له ، كما ذكر البيضاوي.
المناسبة :
بعد بيان أدلة التوحيد والألوهية والنبوة ، والرد على منكري البعث ، وإيضاح ما نزل من العقوبة بالأمم الماضية ، لكفرهم بالله وتكذيب الرسل ، طالب الله تعالى بالإيمان بالله تعالى ورسوله صلىاللهعليهوسلم وبآي القرآن وبالبعث ، علما بأن الاعتراف بالبعث من لوازم الإيمان ، ثم حذر من الحساب والجزاء في الآخرة ، وأبان مظاهر التغابن فيه ، وفصله تفصيلا تاما.
التفسير والبيان :
(فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا ، وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) أي إذا كان أمر البعث هيّنا يسيرا على الله لا يصرفه صارف ، فصدّقوا بالله ورسوله محمد صلىاللهعليهوسلم وكتابه المنير الهادي إلى السعادة ، والمنقذ من ظلمة الضلالة ، فهو نور يهتدى به إذا أشكلت الأمور ، والله عالم بكل شيء ، لا يخفى عليه شيء من أقوالكم وأفعالكم ، فهو مجازيكم على ذلك خيرا أو شرا. وفي هذا وعيد على كل ما يؤتى من المعاصي ، أو يترك من الفرائض والواجبات. ووصف القرآن بأنه نور ، لأنه يهتدى به في الشبهات ، كما يهتدى بالنور في الظلمات.
(يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذلِكَ يَوْمُ التَّغابُنِ) أي واذكروا يوم القيامة الذي يجمع الله فيه أهل المحشر من الأولين والآخرين في صعيد واحد للجزاء ، ويجمع فيه بين كل عامل وعمله ، وبين كل نبي وأمته ، كما قال تعالى : (ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ ، وَذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ) [هود ١١ / ١٠٣]. وقال سبحانه : (قُلْ : إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ لَمَجْمُوعُونَ ، إِلى مِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ) [الواقعة ٥٦ / ٤٩ ـ ٥٠].
ذلك اليوم وهو يوم القيامة يوم التغابن الذي يظهر فيه غبن الكافر بتركه